إن الحياة الدنيا ليست سوى مرحلة انتقالية نحو الحياة الأبدية في الآخرة. وهناك آيات قرآنية تتناول موضوع الموت والصبر، مما يساعد المسلم على إدراك هذه الحقيقة والتأقلم مع واقع فقد الأحبة.
يمكن تخطي مشاعر الحزن من خلال التفكر في الثواب الذي يناله الصابرون، مما يتيح للإنسان تقبل أن الحياة مليئة بالاختبارات والابتلاءات، التي تميز بين أصحاب الجنة وأصحاب النار.
تقبل حقيقة الموت
يساهم التقبل في تخفيف الألم الذي يختبره القلب والروح بسبب فقد الأحبة، ويعزز من قدرة المسلم على التحكم بنفسه لدى وقوع مصيبة الموت، دون الاعتراض على إرادة الله:
- إدراك حقيقة الدنيا: إن فهم الإنسان لطبيعة وجوده في الدنيا يسهل عليه تقبل الموت.
- وهذا يتجلى في عبادة الله وطاعته، وكذلك العمل على تعمير الأرض بما يرضيه.
- وانقضاء العمر الذي لا يعلم نهايته إلا الله في ظلال الطاعات والأعمال الصالحة.
- فهم الابتلاءات: جعل الله الدنيا دار اختبار للمسلم، سواء كان ابتلاء بالخير أو بالشر.
- ابتلاء الخير يتمثل في النعم التي تُقبض، فهل يشكر العبد أم ينشغل بالدنيا؟
- أما ابتلاء الشر فيظهر عند وقوع مصيبة مثل الموت، فهل يصبر ويقبل بالقضاء أم يسخط؟
- حقيقة أن اللقاء قدر: قد يتذمر البعض من قضاء الله عند فقد حبيب، أو بسبب انشغاله بأمور الحياة.
- لكن إدراك أن الله هو من يحدد اللقاء والفراق يخفف من حدة الألم على المسلم.
- واقع القبر والبعث يوم القيامة: لقد أحاط الله المسلمين بوعد بوجود لقاء أبدي يوم القيامة.
- حيث ينعم الأبرار والصالحون في جنات النعيم وتجمعهم رحمة الله.
- لذا، فإن تقبل وجود لقاء آخر يساعد المسلم على الصبر على فراق الموت حتى يأتي ذلك اليوم.
آيات قرآنية تتحدث عن الموت
يدعم الله المسلمين بمبادئ تساعدهم في التعامل مع مختلف الأمور الدنيوية، من بينها الموت. وقد تمت الإشارة إلى ذلك في الآيات التالية:
- سورة آل عمران: “كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ”.
- توضح هذه الآية حقيقة موت كل إنسان، وأن الحياة مجرد فترة زمنية قد تشتت البعض عن المسار الصحيح.
- سورة الأنعام: “وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ”.
- تؤكد الآية على أن الإنسان يموت كلما نام، ويستيقظ للعودة إلى الحياة حتى يحين أجله.
- في النهاية، يعود إلى الله ليحاسب على ما فعل في الحياة.
- سورة البقرة: “وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ”.
- توضح الآية أن الوسائل التي تساعد الإنسان على تجاوز الابتلاءات والرضا بقضاء الله تتمثل في الصبر وأداء الصلاة.
- هذه الأمور يتمكن المسلم المخلص من القيام بها بفضل تجربته.
- سورة البقرة: “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأُمَوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ”.
- تؤكد الآية على أن الموت من الابتلاءات الدنيوية التي يثاب عليها الصابرون برحمة الله.
الصبر على مصيبة الموت
يتكرر ذكر الصبر والصابرين في آيات القرآن الكريم المتعلقة بالموت والصبر، لذا سنستعرض مفهوم الصبر وكيف يمكن للمسلم تحقيق مرتبة الصابرين الذين يستحقون الثواب:
- تعريف الصبر: يشير هذا اللفظ إلى قدرة الإنسان على التحمل وضبط النفس عند مواجهته لمصائب الحياة، ومنها الموت.
- دون تذمر أو شكاية أو سخط، ويتجلى ذلك في اسم الله الصبور الذي لا يقدر أحد على مثله.
- عبادة الصبر: ورد الصبر في القرآن كعبادة، مماثلة للصلاة.
- هي عبادة تتطلب ممارسة من قبل الشخص ليتمكن من تقبل مختلف الابتلاءات.
- ليدرك أن هذه المصائب ما هي إلا اختبارات، ومن ينجح فيها ينال الجنة.
- الصابرين: يُطلق هذا اللقب على من استطاع إخضاع قلبه لقضاء الله.
- وتقبل الأمور برحابة صدر ورضا.
- والذي يتأمل الذكر الذي يُخفف عنه الأوجاع كما ورد في القرآن ويكرره، مثل: “إنا لله وإنا إليه راجعون”.
أنماط الحزن على الميت: المسموح والممنوع
لا يمنع الله المسلم من الحزن عند فقدان أحبابه، لكن هناك أنماط حزن مقبولة وأخرى تعبر عن سخط على القدر:
- الحزن المسموح: يشمل البكاء، وارتداء الملابس السوداء غير المزينة.
- كما يُشترط ترك التزيين، كالكحل، لمدة لا تتعدى 3 أيام.
- وفي حالة وفاة الزوج، يجوز تمديد الحداد إلى 4 أشهر و10 أيام.
- الحزن الممنوع: هناك مظاهر ترتبط بالسخط على القدر.
- تشمل النواح وضرب الأسلحة، والشكوى بأقوال لا ترضي الله، وشق الملابس.
- وكذلك الإفراط في ارتداء الأسود لفترات طويلة.
ثواب الصابرين على مصيبة الموت
التأمل في ما يُجازى به من يثبت على مصيبته ويصبر يساعده على الاستمرار في الجهاد ليكون من عباد الله الصابرين. إليكم بعض أجورهم:
- أجر الأبوين عند وفاة الأبناء: يأتي الأبناء يوم القيامة كشافعين لوالديهم.
- تؤدي هذه الشفاعة إلى إدراك الوالدين لمراتب الجنة العليا.
- يستفسر الله الملائكة عن تصرف العبد عند فقد ولده.
- فإذا قالوا أنه شكر الله على ابتلاء فقد ولده، يأمر الله الملائكة ببناء بيت في الجنة له باسم الحمد.
- وردت قصة امرأة مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فقدت أربعة أبناء.
- قال لها النبي أن صبرها على هذا الفقد يحميها من عذاب النار.
- أجر الصبر عند وفاة قريب كشخص عزيز مثل الأب: تتجلى رحمة الله ومواردها عند تجاوز الحزن دون قول أو فعل يناقض الرضا.
- وكسب حب الله ومساعدته في التغلب على ما هو صعب في الحياة.
- كما أن الابتلاءات، مثل الموت، تأتي لتطهر العبد من ذنوبه.
- ليستقبل الله يوم القيامة دون أن يحمل أي معاصي أو خطايا.
- قد تكون أفعال الإنسان لوحدها غير كافية للوصول إلى الدرجات العالية في الجنة.
- لكن بإمكانه تحقيق ذلك بالصبر على الابتلاءات.
تعريف الموت
يعرف الموت بأنه نهاية حياة الإنسان، حيث يتوقف القلب عن النبض وتفقد وظائف الجسم الحيوية بشكل دائم. يُعتبر الموت المرحلة النهائية لحياة الإنسان على الأرض، ولكنه يُنظر إليه في الإسلام كمرحلة انتقالية، وليس نهاية كاملة، بل بداية لحياة جديدة في الآخرة.
حديث عن الموت
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- ذكر عن الموت: (خَطَّ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- خَطًّا مُرَبَّعًا، وخَطَّ خَطًّا في الوَسَطِ خَارِجًا منه، وخَطَّ خُطَطًا صِغَارًا إلى هذا الذي في الوَسَطِ مِن جَانِبِهِ الذي في الوَسَطِ وقال: هذا الإنْسَانُ، وهذا أجَلُهُ مُحِيطٌ به أوْ: قدْ أحَاطَ به وهذا الذي هو خَارِجٌ أمله، وهذِه الخُطَطُ الصِّغَارُ الأعْرَاضُ، فإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا، وإنْ أخْطَأَهُ هذا نَهَشَهُ هذا).
آيات قرآنية عن فضل الصبر
- يقول الله -تعالى- في سورة هود: (وَاصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).
- يقول الله -تعالى- في سورة هود: (إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولـئِكَ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ كَبيرٌ).
- يقول الله -تعالى- في سورة يوسف: (قالوا أَإِنَّكَ لَأَنتَ يوسُفُ قالَ أَنا يوسُفُ وَهـذا أَخي قَد مَنَّ اللَّـهُ عَلَينا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيَصبِر فَإِنَّ اللَّـهَ لا يُضيعُ أَجرَ المُحسِنينَ).
- يقول الله -تعالى- في سورة الرعد: (وَالَّذينَ صَبَرُوا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِم وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقوا مِمّا رَزَقناهُم سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدرَءونَ بِالحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولـئِكَ لَهُم عُقبَى الدّارِ).
- يقول الله -تعالى- في سورة المؤمنون: (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ).
آيات قرآنية عن جزاء وثواب الصبر
- يقول الله -تعالى- في سورة الزمر: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ).
- يقول الله -تعالى- في سورة النحل: (وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- يقول الله -تعالى- في سورة طه: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى).
- يقول الله -تعالى- في سورة الرعد: (وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَٰئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ* جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَن صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ* سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ ۚ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ).
- يقول الله -تعالى- في سورة الفرقان: (أُولَـئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا).
- يقول الله -تعالى- في سورة الأحزاب: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّـهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا).
آيات قرآنية عن الصبر عند الموت
- يقول الله -تعالى- في سورة البقرة: (وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأُمَوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ* أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ).
- يقول الله -تعالى- في سورة البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ).
- كما يقول الله -تعالى- في سورة البقرة: (ليْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ
- وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).