يُعتبر الصبر عند الشدائد والرضا بقضاء الله من أفضل الأعمال التي يثني الله عليها سبحانه وتعالى. وقد توضح العديد من الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة فضل الصبر ومكافأة الله للصابرين. وفي السطور التالية، نستعرض بعض آيات وأحاديث تتعلق بهذا الموضوع.
آيات قرآنية تتحدث عن الصبر
أشار الله سبحانه وتعالى إلى ثواب الصابرين من خلال بعض الآيات المباركة، ومن أبرزها:
- “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” (الزمر:10).
- “ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ” [فصلت:34-35].
- “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ” (البقرة:155-157).
أحاديث نبوية تتعلق بفضل الصبر
يعتبر الصبر من الفضائل العظيمة، وقد وعد الله سبحانه وتعالى الصابرين بمكافآت عظيمة. وفيما يلي بعض الأحاديث التي توضح فضل الصبر:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يصيبُ المؤمنَ من وصبٍ، ولا نصبٍ، ولا سقمٍ، ولا حَزنٍ، حتى الهمَّ يُهمُّه، إلا كفَّر الله به من سيئاتِه”.
- روى البخاري بسندٍ صحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما مِن مصيبةٍ تصيبُ المسلمَ إلا كفَّر اللهُ بها عنهُ، حتى الشَّوكةِ يُشاكُها”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “من يُرِدِ اللهُ بِه خيرًا يُصِبْ مِنهُ”.
آيات وأحاديث عن الصبر في زمن البلاء
من المعروف أن المؤمن قد يتعرض للاختبار، كما أن الله إذا أحب عباده ابتلاهم. وقد أشار الله سبحانه وتعالى إلى عدة آيات تتعلق بالصبر في زمن البلاء، إلى جانب الأحاديث كما يلي:
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ عِظَمَ الجزاءِ مع عِظَمِ البلاءِ، وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضِي فله الرِّضا ومن سخِط فله السُّخطُ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسه”.
آيات عن الصبر والتفاؤل
إن الصبر يُعزز روح التفاؤل، حيث قال الله تعالى:
- “إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ” ﴿65 الأنفال﴾.
- “إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” ﴿90 يوسف﴾. إن الله يخصص لكل مؤمن صابر ثوابه، فهو لا يُضيع أجر الصابرين.
- “وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ” ﴿22 الرعد﴾.
- “سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ” ﴿24 الرعد﴾.
- “وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ” ﴿96 النحل﴾.
- “ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” ﴿110 النحل﴾.
- “وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ” ﴿126 النحل﴾.
- “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” ﴿٢٠٠ آل عمران﴾.
- “فَاصْبِرُوا حَتَّىٰ يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ” ﴿٨٧ الأعراف﴾.
- “إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ” ﴿هود ١١﴾.
فضل الصبر في وجه المحن
يمر الكثيرون بفترات من الشدائد، إلا أن صبرنا واحتسابنا لما يحدث يُعزز من مكافآتنا عند الله سبحانه وتعالى كما في قوله:
- “أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ” (البقرة 157).
- “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” (آل عمران 200).
- “إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ” (الزمر 10).
- “بَلَىٰ ۚ إِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ” (آل عمران 125).
رفعة مقام الصابرين عند الله
تُعتبر منزلة الصابرين عند الله ذات قيمة عالية، كما يُظهر قوله عز وجل:
- “وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” (آل عمران 146).
- “وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ” (فصلت 35).
- “إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ” (إبراهيم 5).
- “إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ الْعَبْدُ ۖ إِنَّهُ أَوَّابٌ” (ص 44).
- “(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)” (سورة العصر).
- “وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا ۖ وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ” (السجدة 24).
آيات قرآنية تتعلق بجزاء الصابرين
تؤكد آيات الله كذلك على جزاء المؤمنين، ومن أبرزها:
- “وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” (البقرة 155).
- “وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ۗ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ۖ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ” (البقرة 177).
- “يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ” (البقرة ١٥٣).
- “الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ” ( آل عمران 17).
- “وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ” (آل عمران 146).
آيات قرآنية حول الصبر والفرج
قد ذكر الله الكثير من الآيات القرآنية التي تتحدث عن الصبر والفرج، ومن أهم هذه الآيات:
- “وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا” (آل عمران 120).
- “بَلَىٰ إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ” (آل عمران 125).
- “وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ” (آل عمران 186).
- “وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ” (النساء 25).
- “إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ” (يوسف 90).
أهمية الصبر
للصبر أهمية كبيرة، ونسأل الله أن يجعلنا من الصابرين. فيما يلي نستعرض أهم مزايا الصبر:
- تكفير الذنوب والمعاصي.
- الحصول على الأجر من الله.
- راحة القلب والبال.
- دخول الجنات.
وكذلك، فإن تعلمنا الصبر يعلّمنا عدة دروس أهمها:
- الرضا بقضاء الله وقدره.
- التقرب إلى الله تعالى.
- الإكثار من الدعاء.
- احتساب كل الأمور لله.
- ترك المعاصي وتعزيز العبادات.
- الصبر على قدر الله تعالى.
من الواضح أن الحياة مليئة بالابتلاءات التي تؤدي إلى تفاعلات نفسية عديدة، وإذا علمنا أن الابتلاء قد يأتي من فقدان شخص عزيز أو في حالة مرض أو فراق، فإن ذلك يجب أن يُعتبر اختبار من الله. لذلك، اللهم اجعلنا من الصابرين.
أنواع الصبر
يمكن تقسيم الصبر إلى ثلاثة أنواع رئيسية:
- الصبر على طاعات الله.
- الصبر عن محارم الله.
- الصبر على أقدار الله السلبية.
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى، فقال: إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطى إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فذلكم الرباط”.
أحاديث تتحدث عن الصبر في أداء الطاعات
يُعتبر الصبر على أداء الطاعات إحدى القيم الأساسية في الإسلام، حيث يُظهر قوة الإيمان والالتزام بالتعاليم. وقد وعد الله الصابرين بثواب عظيم في الدنيا والآخرة. في التالي نستعرض بعض الأحاديث في هذا الشأن:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “مَن صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وإنْ أَصَابَكَ شيءٌ، فلا تَقُلْ لو أَنِّي فَعَلْتُ كانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللهِ وَما شَاءَ فَعَلَ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “أتحبُّونَ أن تجتَهِدوا في الدُّعاءِ، قولوا: اللَّهُمَّ أعنَّا على شُكْرِكَ وذِكْرِكَ، وحُسنِ عبادتِكَ”.
أحاديث عن الصبر على الشهوات والفتن
يُعتبر الصبر على الشهوات والفتن جزءًا أساسيًا من حياة المسلم، وهو يعد اختبارًا للإيمان والإرادة. الشهوات والفتن يمكن أن تكون مادية أو معنوية، وتمثل تحديات يومية للمؤمن. وفيما يلي مجموعة من الأحاديث التي تتناول هذا الموضوع:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “بَدَأَ الإسْلَامُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ كما بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “المؤمِنُ الَّذي يخالطُ النَّاسَ ويصبِرُ على أذاهُم، خيرٌ مِن الَّذي لا يخالِطُ النَّاسَ ولا يصبِرُ على أذاهُمْ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “فيُبتلى الرجلُ على حسَبِ دينِه فإنْ كان رقيقَ الدِّينِ ابتُليَ على حسَبِ ذاك وإنْ كان صلبَ الدينِ ابتُلي على حسَبِ ذاك. فما تزال البلايا بالرجلِ حتى يمشيَ في الأرضِ وما عليهِ خطيئةٌ”.
أحاديث عن الصبر في طلب العلم
يعتبر الصبر في طلب العلم أحد أهم ما يجب أن يتحلى به طالب العلم، لأنه أساس النجاح والتفوق. العلم يتطلب صبرًا وتحملًا، بالإضافة إلى تفانٍ وجهد مستمر. فيما يلي بعض الأحاديث حول الصبر في طلب العلم:
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “يحملُ هذا العِلمَ مِن كلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ”.
- قال زِرِّ بنِ حُبَيشٍ: “أتيتُ صفوانَ بنَ عسَّالٍ المراديَّ، فقالَ: ما جاءَ بكَ؟ قلتُ: ابتغاءُ العلمِ. فقالَ: لقد بلغني أنَّ الملائكةَ لتضعُ أجنحتَها لطالبِ العلمِ رضًا بما يفعلُ”.
- قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وَمَن سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ اللَّهُ له به طَرِيقًا إلى الجَنَّةِ”.