تُعتبر الأعمال الأدبية والفكرية لعالم الفلك والمنجم والطبيب والفيلسوف وعالم الرياضيات، عمر الخيام، من أبرز ما يُروى في التراث العربي والإسلامي. عُرف بمساهماته الكبيرة في علم الجبر، ويُعتبر شعره الأكثر شهرة في الغرب مقارنة بأي شاعر آخر غير غربي. وُلِد الخيام في 18 مايو 1048 في مدينة نيشابور، التي كانت تُعد مركزاً تجارياً هاما في شمال فارس.
من هو عمر الخيام؟
- هو غياث الدين أبو الفتوح عمر بن إبراهيم الخيام، ويجدر بالذكر أنه تعلم الطب من والده في سنوات مراهقته وعُرف بالمهارات الجراحية. احتفل بعيد ميلاده الثامن عشر في عام 1066.
- من المهم الإشارة إلى أن الخيام انضم إلى قافلة رحلت من نيشابور إلى سمرقند، الموجود الآن في أوزبكستان، وذلك في عام 1068 عندما كان في العشرين من عمره، حيث كانت سمرقند مركزاً رائداً في الدراسات العلمية.
- في سمرقند، تواصل الخيام مع أبو طاهر، صديق والده القديم وحاكم المدينة، الذي لاحظ موهبة الخيام الاستثنائية وعينه للعمل في مكتبه ومن ثم في خزانة الملك.
- تُعزى شهرة الخيام في الفكر الإسلامي إلى كتاباته، لا سيما الرباعيات، بالإضافة إلى إنجازاته العلمية في الرياضيات.
- مؤخراً، نُشرت طبعات من أعماله الفلسفية، والتي تقدم لمحة عن أفكاره وتفسيرات لنصوصه الرباعية.
مساهمات عمر الخيام في العلوم
1. علم الجبر
- في مرحلة التعليم الثانوي، نتعلم عن المعادلات الثنائية والثلاثية، حيث تمثل المعادلة ax^2 + bx + c = 0 معادلة من الدرجة الثانية، بينما تعبر المعادلة التكعيبية ax^3 + bx^2 + cx + d = 0 عن المعادلات الثلاثية.
- في سن الثانية والعشرين عام 1070، نشر الخيام عمله العميق حول حل مشاكل الجبر، حيث أظهر أن المعادلة التكعيبية يمكن أن تحتوي على حلول متعددة.
- كذلك، كان له الفضل في استخدام التقاطعات المخروطية، مثل القطع المكافئة والدوائر، لإيجاد حلول هندسية لهذه المعادلات، مما جعل نظرته أكثر شمولاً ومنهجية من غيره، رغم أن أرخميدس قد بدأ هذه الدراسات منذ أكثر من ألف عام.
2. طول السنة
- في عام 1073، وُلِد الخيام في أصفهان، التي كانت عاصمة الإمبراطورية السلجوقية، حيث تمكن من إعداد تقويم دقيق لتنظيم الحسابات الزمنية.
- قام باستقطاب مجموعة من العلماء لمرافقته إلى أصفهان في عام 1074 ليتمتع بمستوى معيشة ممتاز وراتب مرتفع.
- دعا الملك مالك شاه الخيام لإنشاء مرصد لرصد الفلك لمدة ثلاثين عاماً، حيث تكمل كواكب بعيدة مثل زحل مداراتها.
- خلال فترة إقامته في أصفهان، أجرى قياسات دقيقة لطول السنة الاستوائية، واعتمدت نتائج قياسه على 1029983 يوماً لما يعادل 2820 عاماً.
- اليوم، أثبتت الأبحاث أن طول السنة الاستوائية يتقلب، حيث يتوسط طولها 365.242189 يوماً، وهو نفس الرقم الذي توصّل إليه الخيام قبل ما يقرب من ألف عام.
وفاة عمر الخيام
- توفي عمر الخيام عن عمر يناهز 83 عاماً في مسقط رأسه، نيشابور، في الرابع من ديسمبر عام 1131، ودُفن في مكان اختاره في بستان حيث تتفتح الأزهار مرتين سنوياً.
- حاز شعره على شهرة واسعة في القرن التاسع عشر بفضل ترجمات إدوارد فيتزجيرالد، مما جعله مضرب مثل في الأدب الغربي.
- في عام 1963، انتقلت رفات الخيام إلى ضريح مهيب في نيشابور، حيث يمكن للزوار تكريم عبقريته وإبداعه.
أشهر أعمال عمر الخيام الأدبية
- بعد وفاته، تَوزعت مجموعات من الرباعيات المنسوبة إليه، حيث تتكون هذه القصائد من أربع كلمات تحتوي على 13 مقطعاً لكل منها هيكل قافية منفرد.
- الرباعيات، التي أُطلق عليها هذا الاسم بفضل إدوارد فيتزجيرالد لترجمته لها عام 1859، تُعتبر من أهم إنجازاته الأدبية.
- من الجدير بالذكر أن كلمة “رباعيات” عادةً ما تشير إلى أي مجموعة من المقطوعات، وقد نسبت له أكثر من 2000 رباعية، بينما يُعتقد أنه نظم حوالي 200 منها فقط.
- في شعره، تحدى الخيام بعض التقاليد الدينية مشيراً إلى نفاق رجال الدين، مما ألقى شكوكاً على المعتقدات السائدة، داعياً إلى نوع من النزعة الإنسانية.
الأعمال الفلكية والرياضية
- عمل الخيام مع فريقه على إنشاء جداول فلكية، مما أدى إلى إعداد جدول لـ 100 نجم ثابت، إلى جانب بعض الأوصاف الخاصة بالتقويم الذي وضعه.
- كان هذا التقويم يهدف للحفاظ على الأشهر الأساسية للتقويم الساساني، الذي يتكون من 12 شهراً على مدى ثلاثين يوماً كل يوم ويضاف إليه خمسة أيام إضافية.
- اهتم عمر الخيام بأسس الهندسة وسعى لحل مشكلات الأعداد غير المنطقية، حيث تابع فرضية إقليدس “الافتراض الموازي” وفشل في إثباتها باستخدام الافتراضات الأربعة الأولى.
معتقدات عمر الخيام الفلسفية
- اتهم البعض الخيام بالإيمان بنقل الروح وبالقيامة الجسدية، وذلك جزئياً بسبب بعض الرباعيات غير الموثوقة المنسوبة إليه.
- تشير أطروحاته الفلسفية إلى اعتقاده بالحياة بعد الموت، وهي آراءٍ تتفق مع العقيدة الإسلامية التقليدية، ولكنه في ذات الوقت تناول مفاهيم الحياة والموت بعدة طرق.
- فتحتج بعض قصائده على وجود حياة ما بعد هذه الحياة، بينما يظهر في أخرى تأملاته حول تلاشي كل الأشياء.
- يعبر في بعض قصائده عن فكرة انتقال الروح، أنه من التراب نرتفع لتكون أشكال حية جديدة، مما يُعتبر نقداً غير مباشر للحقوقيين الأرثوذكس وتصورهم عن الجنة والنار.