أحاديث حول خلق الحلم
عرف الحِلم لغة بالأناة والعقل، وفي الاصطلاح هو “تسلط النفس والسيطرة على الطبع عند هياج الغضب”. يُعتبر الحلم الطمأنينة والتروي في مواقف الغضب، وقد وردت العديد من الأحاديث الشريفة التي تتحدث عن خلق الحلم وما يتضمنه من لين ورِفق، ومنها:
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- للصحابي أشجِّ عبد القيس: (إنَّ فيكَ خَصلتينِ يُحبُّهُما اللَّهُ: الحِلمُ، والأَناةُ).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أَلَا أُخْبِرُكُم بمَن يُحْرَمُ على النَّارِ، وبمَن تَحْرُمُ عليه النَّارُ؟ على كلِّ قريبٍ هيِّنٍ سهلٍ).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (رَحِمَ الله رَجُلًا سَمْحًا إذا باعَ، وإذا اشْتَرَى، وإذا اقْتَضَى).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ليسَ الشَّدِيدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّدِيدُ الذي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ).
- قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (ما نَقَصَتْ صَدَقةٌ من مالٍ، وما زادَ الله عَبْدًا بعَفْوٍ إلا عِزًّا، وما تَواضَعَ أحدٌ لله إلا رَفَعَهُ الله).
أحاديث توضح حلم رسول الله مع الناس
كان النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثر الناس حِلماً، ومن الأحاديث التي تسلط الضوء على حلمه -عليه الصلاة والسلام- ما يلي:
- عن عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: (ما خُيِّرَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بينَ أمْرينِ إلَّا اختارَ أَيْسَرَهُمَا، ما لم يكنْ إثماً، فإن كان إثماً كان أبعدَ النَّاسِ منه، وما انتقمَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لنَفْسِهِ إلَّا ذلك إذا انتهكتِ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنتَقِمُ لِلَّهِ بها).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ مِن أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فأرسلني يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فقلتُ: وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ، وفي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي به نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَخرَجْتُ حتى أَمُرَّ على صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ في السُّوقِ، فَإِذا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قدْ قَبَضَ بقَفَايَ مِن وَرَائِي، قالَ: فَنَظَرْتُ إلَيْهِ وَهو يَضْحَكُ، فَقالَ: يا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟ قالَ قُلتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ، يا رَسولَ اللهِ).
- عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِندَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فأرْسَلَتْ إحدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فَجَمَعَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كانَ في الصَّحْفَةِ، ويقولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ. ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حتَّى أُتِيَ بصَحْفَةٍ مِن عِندِ الَّتي هو في بَيْتِها، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إلى الَّتي كُسِرَتْ صَحْفَتُها، وأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ في بَيْتِ الَّتي كَسَرَتْ).
- عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- قال: (جاء رجلٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسولَ اللهِ، كم نعفو عن الخادمِ؟ فصمَتَ، ثم أعادَ عليه الكلامَ، فصَمَتَ، فلما كان في الثالثةِ قال: اعفُوا عنه في كل يومٍ سبعين مرةً).
آراء السلف حول الحلم
توجد العديد من الأقوال للسلف تتعلق بخلق الحلم، ومنها:
- قال علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-: “ليس الخير أن يكتمل مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك، وأن لا تباهي النَّاس بعبادة الله، وإذا أحسنت: حمدت الله، وإذا أسأت: استغفرت الله”.
- قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: “أيُّها النَّاس، أيَّتها الرَّعيَّة، إنَّ لنا عليكم حقًّا: النَّصيحة بالغيب والمعاونة على الخير، أيَّتها الرُّعاة، إنَّ للرَّعيَّة عليكم حقًّا، فاعلموا أنَّ لا شيء أحبُّ إلى الله ولا أعزُّ مِن حِلْم إمامٍ ورِفْقِه، وليس جهلٌ أبغض إلى الله ولا أغمَّ من جهل إمامٍ وخرْقه”.
- قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: “ينبغي لحامل القرآن أن يكون باكيًا محزونًا حكيمًا حليمًا سكينًا، ولا ينبغي لحامل القرآن أن يكون جافيًا ولا غافلًا ولا صخَّابًا ولا صيَّاحًا ولا حديدًا”.