تتجلى أهمية الأحاديث القدسية حول التوبة في تشجيع الإنسان على العودة إلى الله، وتصحيح الأخطاء في حياته. يُعرف عن الإنسان انجذابه لمغريات الدنيا، مثل المال والأبناء، أو انشغاله بأعماله حتى يبتعد عن طريق الله. لذا، يتعين علينا أن نعود ونتوب إلى الله سبحانه وتعالى قبل أن يأتي وقت تكون فيه التوبة والندم غير نافعين، ونسعى ليكون الله منا من التوابين.
أحاديث قدسية في التوبة
تتضمن الأحاديث القدسية المتعلقة بالتوبة تعاليم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ومن أبرزها ما يلي:
عن أنس بن مالك قال: قال النبي ﷺ: {قالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وتعالى: يا ابنَ آدمَ، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرتُ لك على ما كانَ فيكَ ولا أبالي. يا ابنَ آدمَ، لو بلغت ذنوبُكَ عَنانَ السماء ثم أستغفرتَني غفرتُ لك ولا أبالي. يا ابنَ آدمَ، إنك لو أتيتني بقرابِ الأرضِ خطايا ثم لقيتني لا تُشرِك بي شيئًا لأتيتُكَ بقرابِها مغفرةً}. رواه الترمذي وصححه الألباني.
- هنا يُشجع الله تعالى عباده على التوبة، مؤكدًا أن رحمتَه واسعة وتغفر ذنوبهم مهما كانت.
- وأن الله يُبدل سيئات التائب حسنات، مما يُثبت قيمتهم الكبيرة لديه.
- إذا توفي الشخص وهو تائب، فإن الله يغفر له ما تقدم وما تأخر من ذنوبه.
- وفي حديث قدسي آخر: {يا عبادي! إنكم تُخطئون بالليل والنهار وأنا أغفرُ الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفرْ لكم}. صححه الألباني في صحيح الجامع.
- هنا يشير الله عز وجل إلى طبيعة الإنسان التي تميل للخطأ، ومع ذلك، فإن الاستغفار والتوبة من شأنهما أن ينقذاه.
حديث قدسي عن مغفرة الذنوب
وروى أبو هريرة عن النبي ﷺ: {إن عبدًا أذنبَ فقال: ربِّ أذنبتُ فاغفِرْ لي. فقال ربُّه: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًا يغفرُ الذنبَ ويأخذُ به؟ غفرتُ لعبدي. ثم مكث ما شاء اللهً. ثم أذنَبَ فقال: ربي أذنبتُ أخرى، فاغفِرْ لي. قال: أَعَلِمَ عبدي أن له ربًا يغفر الذنبَ ويأخذُ به؟ غفرتُ لعبدي. فلْيعملْ ما شاء}. صححه الألباني في صحيح الجامع.
- هذا الحديث يبرز رحمة الله بعباده، وأن كلما اقترب العبد من ربه، زادت رحمة الله له.
- يُباهي الله سبحانه وتعالى العبد التائب أمام الملائكة، مؤكدًا علم العبد بأن له ربًا يغفر له.
- حتى وإن أخطأ العبد مرات عديدة، فإن الله يقبل توبته ويغفر له الذنوب.
أحاديث قدسية عن التوبة من الكبائر
عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: {يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه حين يذكرني. والله لأفرح بتوبة عبدي من أحدكم يجد ضالته بالفلاة، ومن تقرب إلي شبرًا، تقربت إليه ذراعًا، ومن تقرب إليّ ذراعًا، تقربت إليه باعًا، وإن أقبل إليّ يمشي، أقبلت إليه أهرول}. صححه الألباني في صحيح الجامع.
- هذا الحديث يُظهر رحمة الله بعباده، ويؤكد أهمية حسن الظن بالله.
- كلما اقترب العبد من ربه، فإن الله يقربه أكثر ويستجيب لدعاءه.
- الله عز وجل يُحب التائبين ويخشى عليهم من عذاب جهنم.
ما هي التوبة والاستغفار؟
الكثير من الأفراد يتساءلون عن التوبة وما الفرق بينها وبين الاستغفار، وإليك ما يلي:
- التوبة تعني العودة من المعاصي وطاعة الله، وهي تتطلب توقفًا كاملاً عن الذنوب.
- بينما الاستغفار هو طلب المغفرة لله عن الآثام التي يرتكبها الإنسان.
- كلمة “مغفرة” تتبع كلمة “المغفر”، الذي يُستخدم لحماية الرأس في الحروب.
- الاستغفار يحمي العبد من الشرور في الدنيا والآخرة.
شروط التوبة
هناك خمسة شروط يجب توافرها في التوبة النصوحة، وهي:
- النية الصادقة والتوجه إلى الله بقلب مخلص.
- الشعور بالندم الشديد على ما ارتكب من ذنوب.
- التوقف الفوري عن الذنب وعدم العودة له مرة أخرى.
- العزم على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل.
- أن تكون التوبة قبل موت العبد أو قبل فوات الأوان.
مراتب التوبة
تم تقسيم التوبة إلى ثلاث مراتب تحتوي على معرفة أخطاء العبد:
- التوبة من الكفر إلى الإيمان، وهي أعلى مرتبة.
- التوبة من الكبائر مثل الشرك والقتل والزنا، وغيرها.
- التوبة من الصغائر التي يُخطئ بها الإنسان يوميًا.
فضل التوبة
هناك العديد من الفوائد العظيمة للتوبة، ومنها:
- التائب من الذنوب تُبدَّل سيئاته حسنات.
- الله يفرح بتوبة عبده ويبرز ذلك أمام الملائكة.
- التوبة تعطي العبد طمأنينة وسعادة بدلًا من الحزن والخوف.
أحاديث في فضل التوبة
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا أيُّها الناسُ تُوبُوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة).
- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده، لو لم تُذنِبوا لذهب الله بكم، ولجاء بقوم يُذنِبون فيستغفِرون الله، فيغفِر لهم).
- أيضًا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (سَيِّدُ الاستغفار أن تقول: اللهُمَّ أنت رَبِّي، لا إله إلا أنت، خلَقتَني وأنا عَبْدُكَ… إلخ.)، وظهر فضل ذلك في إيمان قائلها وضمانه للجنة.