محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو رسول رب العالمين، وهو الرحمة المهداة والنعمة المسداة. وصفه الله سبحانه وتعالى بقوله: (يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبيناً) (النساء 17).
تتضمن وصاياه صلى الله عليه وسلم جوانب حياتنا منذ بدايتها وحتى نهايتها. وفي حال اتبعناها وعملنا وفق هداها، فإننا سنعيش في نعيم ونتوفى راضين، وندخل جنات رب العالمين. في هذا المقال، سنتناول بعضاً من وصاياه صلى الله عليه وسلم قبل وفاته.
تابع أيضاً:
وصايا الرسول قبل وفاته
ترك النبي محمد ﷺ وصايا عظيمة لأمته تتضمن معاني عميقة وتوجيهات هامة للصحابة والمسلمين عموماً. وقد أُعلنت هذه الوصايا في الأيام الأخيرة من حياته وفي خطبته أثناء حجة الوداع، حيث أرساها كأساسات تتعلق بالدين والحياة. وفيما يلي بعض الوصايا الرئيسية التي تركها:
الوصية بالنساء:
أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنساء، فقال:
(اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله. وعليكم أن لا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فاضربوهن ضرباً غير مبرح.)
كما قال في حديث آخر:
(اتقوا الله في النساء، فإنهن عوان لديكم.)
وتعد هذه توصية تعكس كرامة المرأة التي كانت تُهدر قبل الإسلام. وقد رد الله ورسوله حقوقها وبيّن ما لها من حقوق وما يجب عليها. وهذا يُعبر عن الرد القوي على من يدّعي أن الإسلام ينتقص من حقوق النساء.
لقد منح الله ورسوله للرجل ما يُعادل ما للمرأة، وجعل للرجل الولاية والقيادة والإنفاق والكسوة والسكن، وقبل كل شيء التراحم والتواد. وقد عُرفت الأسرة في الإسلام بأنها مكونة من رجل وامرأة، حيث تم التساوي في الثواب والعقاب. كما منح الإسلام المرأة ذمة مالية مستقلة، بعيداً عن الزوج أو الأب. وقد شبه النبي ﷺ النساء بالقوارير، داعياً إلى الرفق بهن.
التحذير من اتخاذ قبره مسجداً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبة حجة الوداع:
(لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد.)
فقد أوصى بعدم تحويل قبره إلى مسجد كما فعل الآخرون.
إقامة الصلاة:
أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالقول:
(الله، الله في الصلاة وما ملكت أيمانكم.)
وهذا يعكس مكانة الصلاة وفضلها في أركان الإسلام، حيث تأتي مباشرة بعد التوحيد. فقد بُني الإسلام على خمس، أولها شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم تلتها الصلاة. فما أعظم قدسية الصلاة، وما أسوأ تركها.
إخراج يهود الحجاز ونجران من جزيرة العرب:
- أوصى النبي ﷺ بإخراج اليهود من جزيرة العرب بقوله: “أخرجوا المشركين من جزيرة العرب”.
- وقد جاءت هذه الوصية على خلفية توتر العلاقة بين المسلمين وبعض القبائل اليهودية نتيجة نقض العهود.
- تم تنفيذ هذه الوصية في عهد الخلفاء الراشدين، وبالأخص في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث تم إخراج يهود خيبر ونجران.
إنفاذ جيش أسامة:
أمر النبي ﷺ قبل وفاته بإنفاذ جيش أسامة بن زيد، حيث قال: “أنفذوا بعث أسامة”. وكان الجيش مستعدًا للانطلاق إلى الشام لمواجهة الروم، ولكن وفاة النبي ﷺ أخرت التنفيذ. بالرغم من التردد بين الصحابة، إلا أن الخليفة الأول، أبو بكر الصديق رضي الله عنه، أصر على تنفيذ وصية النبي وأشرف على مهمة الجيش.
الإحسان إلى الأنصار:
- كان للنبي ﷺ اهتمام خاص بالأنصار الذين احتضنوا المهاجرين من مكة وقدموا لهم الدعم.
- في وصيته قال: “استوصوا بالأنصار خيرًا؛ فإن الناس يزيدون والأنصار على حالهم، فهم عيبتي التي أويت إليها، فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم.”
التمسك بكتاب الله:
قال النبي ﷺ في خطبته خلال حجة الوداع: “تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً، كتاب الله وسنتي”. وهذه الوصية تؤكد أن القرآن الكريم هو المرجع الأساسي الذي يجب أن يلتزم به المسلم لتحقيق الهداية والصلاح في الدنيا والآخرة.
إحسان الظن بالله:
من بين وصاياه ﷺ كان يحث على إحسان الظن بالله، خاصة في وقت الوفاة، حيث قال: “لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل.” وهذه الوصية تدعو المسلمين للثقة في رحمة الله وعفوه عند الفراق عن الدنيا.
توصية أبي بكر بالصلاة بالناس:
أوصى النبي ﷺ أن يتولى أبو بكر الصديق الصلاة بالناس خلال مرضه الأخير، مما يعكس مكانة أبي بكر بين الصحابة. وعندما تفاقم مرض النبي ﷺ، قال: “مروا أبا بكر فليصل بالناس”.
تاريخ ومكان وفاة النبي محمد
توفي النبي محمد ﷺ في 12 ربيع الأول في السنة 11 هـ (632م) في المدينة المنورة، في غرفة زوجته عائشة رضي الله عنها، والتي تُعرف اليوم بمكان قبره في المسجد النبوي.
مرض النبي محمد
عانى النبي ﷺ بعد حجة الوداع من مرض استمر حوالي 11 يومًا، تضمنت أعراضه الحمى والضعف العام، وكان يتنقل بين الوعي وفقدانه. خلال هذا المرض، تلقى الصحابة توجيهاته الهامة.
الساعات الأخيرة من حياة النبي
في الساعات الأخيرة، كان النبي ﷺ يحاط بالصحابة وأسرته، وقد ظهرت علامات واضحة على قرب وفاته. وكان يوصيهم بالتمسك بالصلاة والقرآن. وفي اللحظات الأخيرة، ردد: “بل الرفيق الأعلى”، وهو إشارة إلى رغبته في الانتقال إلى جوار الله.
تغسيل النبي محمد
بعد وفاته، قام الصحابة بغسل النبي ﷺ، وكان من بينهم العباس بن عبد المطلب، وعلي بن أبي طالب، والفضل بن العباس. تم غسل النبي ثلاث مرات واستخدمت كفنات بسيطة كما أوصى بها.
الصلاة على النبي
بعد غسل النبي ﷺ وتكفينه، أقام الصحابة صلاة الجنازة عليه، وكانت صلاة جماعية بلا إمام، كدلالة على حبهم واحترامهم للنبي.
علامات اقتراب أجل النبي
ظهرت بعض العلامات التي تنبئ بقرب أجله، منها:
- زيادة شدة المرض.
- حديثه المتكرر عن الموت.
- تكرار وصاياه بالتمسك بالصلاة والقرآن.
- رؤيته للملائكة، كما أخبر بالصحة بعض الصحابة.