أحكام الميم الساكنة وطرق الإخفاء في النطق الشفهي

تُعد تلاوة آيات القرآن الكريم من أسمى العبادات وأعظمها في سبيل التقرب إلى الله، حيث يُعتبر القرآن شفيعًا لمن يتلوه، كما ورد في حديث الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “اقرأوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعًا لأصحابه”. لذا، فإنه يتعين على القارئ الالتزام بقواعد التلاوة وأصول القراءة، وهذه القواعد تستند إلى علم التجويد. في هذا المقال، سنتناول
أحكام الميم الساكنة الإخفاء الشفوي
، والذي يُعد جزءًا أساسيًا من قواعد التجويد.

تعريف أحكام الميم الساكنة

الميم الساكنة هي الميم التي تكون ساكنة سواء عند الوقف أو الإرسال، وقد نجدها في وسط الكلمة أو في نهايتها أيضًا.

في القرآن الكريم، تظهر الميم الساكنة قبل جميع الحروف الهيجائية باستثناء حروف المد والتي تتألف من ثلاثة حروف محفوظة في كلمة “واي” (الواو، الألف، والياء).

عندما يلي الميم الساكنة أحد الحروف الهجائية، فإن لها ثلاثة أحكام هي:

  • الإخفاء الشفوي
  • إدغام المثلين الصغير
  • الإظهار الشفوي

الإخفاء الشفوي

  • الإخفاء الشفوي يعني أن يأتي بعد الميم الساكنة حرف الباء، مما يؤدي إلى اختفاء الميم مع الباء، بالإضافة لوجود الغنة.
  • سُمي هذا الحكم بالإخفاء الشفوي لأنه يحدث عند خروج كل من الميم الساكنة والباء من مخرج الشفتين.

  • ويُطلق عليه إخفاء لأن الميم تُختفى مع الباء لتحقيق تجانس المخرج والصفة بينهما، كمثال في قوله تعالى “يعتصم بالله”.

إدغام المثلين الصغير

إدغام المثلين الصغير يعني جاء بعد الميم الساكنة حرف الميم، مما يؤدي إلى دمج الحرفين، فيكون الميم الأولى في الثانية. يمكن أن يظهر الإدغام في كلمة واحدة أو كلمتين، على سبيل المثال:

مثال كلمة واحدة: مَمَن

مثال كلمتين: أمْ مَن

وسُمي المثلين الصغير لأن المدغم والمُدغم يتوافقان في الرسم والاسم والصفة واللفظ. وسميت بالصغير لأن الحرف الأول ساكن والثاني متحرك.

نجدها في القرآن الكريم، الميم الأولى تكون خالية من الحركات، بينما نجد الحرف الثاني مشددًا.

الإظهار الشفوي

الإظهار الشفوي يعني أن يأتي بعد الميم الساكنة باقي الحروف الهجائية مع استثناء الباء والميم. عندما يكون حكم الإظهار الشفوي، تتبع الميم الساكنة أحد الحروف الهجائية الستة والعشرون، حيث تُنطق الميم الساكنة بشكل ظاهر بدون غنة، كما في:

الهمزة في كلمتين: عليكمْ أنفسكم.

الحاء في كلمتين: أمْ حسبت.

السين في كلمتين: فوقكمْ سبع طرائق.

وسُمي الإظهار الشفوي بهذا الاسم نتيجة ظهور الحروف عند لقائها بالميم الساكنة.

أقسام حروف الإظهار الشفوي

تنقسم حروف الإظهار الشفوي إلى قسمين:

  • القسم الأول: الحروف غير الواقعة بعد الميم إلا في كلمتين، وهم ثمانية أحرف: الصاد، الفاء، الجيم، الخاء، القاف، الذال، الغين، الظاء.
  • القسم الثاني: الحروف الواقعة بعد الميم الساكنة في كلمة أو كلمتين، وهم ثمانية عشر حرفًا: الألف، الحاء، الدال، التاء، الثاء، الزاي، الراء، السين، الصاد، الشين، الضاد، اللام، الكاف، الياء، الواو، النون، الطاء، الهاء.

الفرق بين الإخفاء الشفوي والإقلاب

في حالة الإخفاء الشفوي، يتطلب إنهاء خطوة واحدة هي إخفاء الميم. بينما الإقلاب يتطلب عمليتين: الأولى، قلب النون الساكنة إلى ميم ساكنة، والثانية، إخفاء الميم الساكنة عند الميم.

الفرق بين الإخفاء الشفوي والحقيقي

في الإخفاء الشفوي، عند نطق الباء، تضعف الميم بجانب السر الذاتية وخصائص الحرف. كما تظهر الميم الساكنة التي تسبق حرف الباء في القرآن دون أي تشكيل، بينما في الإخفاء الحقيقي يتم ستر التنوين والنون الساكنة بالكامل دون نطق الحرف، لكن يبقى الغنة قائمة.

سبب عدم إدغام الميم مع الفاء والواو

ترجع هذه المسألة إلى عدم إمكانية إدغام الميم مع الحروف المتقاربة مثل الفاء، حيث تنشأ الغنة التي تتعارض مع طبيعة الحروف. كما أن الميم من الحروف القوية، بينما الفاء تعتبر من الحروف الضعيفة، مما يجعل إدغام الحرف القوي مع الضعيف أمرًا غير ممكن.

ورغم التشابه في المخرج بين الواو والميم، إلا أن إدغامهما قد يؤدي إلى لبس، حيث يخشى أن يحدث التباس بين الميم والنون.

أحكام التنوين والنون الساكنة

تُعرف النون الساكنة بأنها النون التي تأخذ حركة السكون، وتُثبت خطًّا ولفظًا، سواء عند الوقف أو الوصل، وتظهر مع الأسماء والأفعال والحروف.

أما عن التنوين: فهو نون ساكنة زائدة تُلحق بأواخر الأسماء لفظيًا وليس كتابيًا.

يمكن تلخيص الأحكام في أربعة كالتالي:

الإظهار، وهو إظهار التنوين والنون الساكنة عند النطق بأحد الحروف الحلقية وعددها ستة:

  • الهمزة، العين، الحاء، الخاء، الغين، الهاء.
  • ومثال النون الساكنة في كلمة واحدة: وانْحر.
  • أما مثال إظهار النون في كلمتين: (مِنْ علق).
  • الجدير بالذكر أن إظهار التنوين لا يكون إلا بكلمتين: نفسٌ عَن.

الإدغام

يُعرَّف الإدغام بأنه إدخال جزء في جزء آخر، واصطلاحياً يعني إدخال أحد الحروف الساكنة في غيرها من الحروف المتحركة حتى يتحول إلى حرف مشدد واحد.

حروف الإدغام تشمل: اللام، الميم، الواو، النون، الراء، الياء، وتم تجميعها في كلمة “يرملون”. أقسام الإدغام هي كالتالي:

الإدغام بغُنَّة

  • يعتمد على أربعة حروف مجمعة في كلمة “ينمو”، ويشترط أن يكون التنوين آخر الكلمة أو أن تكون النون ساكنة، وأن يكون حرف الإدغام بغنّة في بداية الكلمة الثانية. مثال: “لؤلؤًا منثورًا”.
  • هنا يطلق عليه إدغامًا بغنة ناقصة، إذ يتم دمج الحرف الأول بالحرف التالي له.
  • يتوجب الإظهار إذا اجتمع حرف الإدغام مع النون الساكنة، وذلك ينطبق على كل من الياء والواو، وفي هذه الحالة يُطلق عليه الإظهار المطلق.
  • الإظهار يحدث لحفاظ على المعنى، ومن هذا النوع من الإدغام نجد أربع كلمات فقط في القرآن الكريم: قنوان، صنوان، بنيان، الدنيا، بالإضافة إلى ظهور النون مع الواو في بداية سورة القلم وسورة يس.

الإدغام بغير غُنَّة

يتضمن حرفين: اللام والراء، حيث يتم الإدغام برفع الغنة مما يجعل الإدغام أخف عند النطق، كما في قول الله عزّ وجل “ومن لم يؤمن”، ويُطلق عليه إدغامًا كاملًا.

الإقلاب

يُعرَّف الإقلاب اصطلاحياً بأنه قلب التنوين أو النون الساكنة إلى ميم مخفية مع وجود الغنة، إذا جاء بعدها حرف الباء.

الإخفاء

الإخفاء هو نطق الحرف بصورة متوسطة بين الإظهار والإدغام مع مراعاة عدم وجود تشديد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top