يُعتبر أسلوب المدح والذم في القرآن الكريم من الموضوعات الأساسية التي تناولتها كتب البلاغة. وذلك لأن الفوز ببلاغة الكلام يتطلب دراسة متعمقة وبحث دقيق. في هذه المقالة، سنستعرض أسلوب المدح والذم في القرآن الكريم بشكل شامل ومفصل.
أسلوب المدح والذم في القرآن الكريم
- تتعدد أساليب المدح والذم في القرآن الكريم، منها الأسلوب الصريح والآخر الضمني. ولا يوجد فرق ملحوظ في درجة البلاغة بين هذين الأسلوبين.
- العبرة في أسلوب المدح والذم تكمن في مدى تأثير الكلام في إثبات المعاني والأخبار الواردة.
- إذا قمنا بتحليل الآيات القرآنية وآراء العلماء حول موضوع أسلوب المدح والذم، نلاحظ أن جمال وبلاغة هذه الآيات يرتكز على عدة عناصر سنذكرها بالتفصيل فيما يلي:
1- تكرار اللفظ للمبالغة في المدح أو الذم
- في قوله تعالى في سورة الحج: (فنعم المولى ونعم النصير)، نجد أن الله تعالى كرر كلمة “نعم” لتعزيز المبالغة في المدح، بدلاً من الاقتصار على “نعم المولى والنصير”، والتي تعبر عن المعنى بشكل مختصر.
- هذا التكرار يُظهر رغبة الله في إظهار القوة في المدح وتعميقه.
- نجد المثال ذاته في جانب الذم، كما في قوله تعالى في سورة آل عمران عندما نُدِدَ اليهود، حيث قال: (إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم)، وكرر “يقتلون” للدلالة على جسامة الفعل وفظاعته.
- توجد أمثلة عديدة على التوبيخ بتكرار اللفظ، كما يتضح في قوله تعالى في سورة الصف: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).
- وهنا، يتكرر “ما لا تفعلون” لزيادة حدة الذم وتأصيل قبح الفعل.
- وقد ذكر الإمام ابن المنير أن هذا التكرار يحمل شأناً خامساً يجسد التهويل وتعظيم الأمر.
2- التوكيد للمبالغة في المدح أو الذم
- غالباً ما يتم استخدام أسلوب التأكيد حين يكون المخاطب منكراً أو في منزلة المنكر.
- يمدح الله سبحانه وتعالى بعض الأنبياء في آيات عدة، كقوله في سورة القلم: (وإنك لعلى خلق عظيم)، وفي سورة الصافات: (وإن إلياس لمن المرسلين).
- ورغم عدم إنكار الأنبياء لصفاتهم، فإن الآيات تتضمن تأكيدات بغرض المبالغة في المدح.
- التأكيد له دور كبير في مدح الأنبياء والرسل، وكذلك في ذم أعداء الحق، كما يتضح في قوله تعالى: (كلا إنه كان لآياتنا عنيداً).
- تفسير ذلك يعود إلى أهمية إزالة الشك عن المُخاطب لأهمية المدح والذم.
3- استخدام الألفاظ الدالة على المبالغة
- تعتبر الألفاظ الدالة على المبالغة واحدة من أساليب المدح والذم في القرآن، مما يعزز القوة التأثيرية للمعنى.
- من أبرز الأمثلة قول الله تعالى في سورة المائدة: (لبئس ما كانوا يصنعون)، حيث يشير الإمام الزمخشري إلى أن ليس كل فعل يُعتبر مهنة ما لم يكن التدريب متوفراً.
- كما في قوله: (كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا)، حيث يتضح شدة الموقف من خلال وصف الكلمة بالخروج.
4- أسلوب الحصر للمبالغة في المدح أو الذم
- يلجأ القرآن إلى أسلوب الحصر في التعبير عن المدح والذم، كما يتضح في قول الله تعالى: (فلما سمعت بمكرهن أرسلت لهن وأعتدت لهن متكأ).
- في هذه الآية، لم يُقصد قول “ملك كريم” تشبيهاً بل اعترافاً بحقيقة هذا الأمر.
5- أسلوب التنكير للتفخيم
- يُعدّ أسلوب التنكير من أساليب المدح والذم التي تمنح القوة والمعنى.
- من الأمثلة على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة: (أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المهتدون)، وكذلك في سورة الجاثية: (هذا هدى والذين كفروا بآيات ربهم لهم عذاب من رجز أليم).
6- التشبيه والتمثيل والتخييل
- تنضم أساليب المدح والذم إلى أدوات التشبيه والتمثيل والتخييل، كما يتضح في قوله تعالى في سورة الأعراف: (لو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض).
- هنا، يُشبه الله تعالى الكافر الذي فرط في علمه بالكلب، مما يُظهر شدة الذم لمثل هذا السلوك.
ولن تفوتك قراءة مقالنا عن:
شروط لازمة في التشبيه ليكون أسلوب المدح والذم في القرآن الكريم
- عند المدح، يشبّه الأدنى بالأعلى، بينما في الذم يحدث العكس.
- مثال على ذلك: (ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون).
اقرأ المزيد من هنا عن: