يُعتبر شلل الأطفال أحد الأمراض الفيروسية المعدية الأكثر شهرة؛ حيث يُسبب فيروسًا يهاجم الجهاز العصبي وقد يؤدي إلى الشلل، ومشكلات في التنفس، وأحيانًا يسبب وفاة المريض. الجدير بالذكر أن آخر حالة تم الإبلاغ عنها بشكل طبيعي في الولايات المتحدة كانت في السبعينيات من القرن الماضي.
شلل الأطفال
- يُعد شلل الأطفال من الأمراض شديدة العدوى، وبعد أن يصيب الجهاز العصبي، لا يشعر غالبية المصابين بأي أعراض خاصة بالمرض.
- على الرغم من أن القليل من الأطفال المصابين يُعانون من الشلل كنتيجة للعدوى الفيروسية، تم تطوير لقاح ضد شلل الأطفال ساهم بشكل كبير في تقليل الإصابات بهذا المرض.
تقارير منظمة الصحة العالمية
- قبل الخوض في تفاصيل أسباب شلل الأطفال وأعراضه، يمكننا الاطلاع على بعض الإحصائيات العالمية المتعلقة بالمرض وانتشاره.
- على الرغم من عدم تسجيل أي انتشار للمرض مؤخراً، إلا أن بعض التقارير الصادرة عن منظمة الصحة العالمية تُشير إلى استمراره حتى الآن، حيث انخفض عدد الحالات من 350 ألف حالة إلى 33 حالة فقط في عام 2018.
- ينتشر شلل الأطفال بين الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، كما توجد بعض الحالات بين أعمار أكبر في حال عدم تلقي الأفراد اللقاح في الوقت المحدد أو عدم إكمال الجرعات.
- رغم انحسار المرض في معظم البلدان، فإن وجود طفل واحد يحمل الفيروس يعد نذيرًا لانتشار محتمل للمرض في البلد الموجود فيه.
تاريخ مرض شلل الأطفال
- من الضروري عند دراسة أسباب شلل الأطفال وأعراضه أن نعرف التاريخ المفصل للمرض، بما في ذلك نشأته ومصادره.
- يشير بعض الباحثين إلى وجود شلل الأطفال منذ عصور قديمة، حيث عُثر على لوحة أثرية من عصر الفراعنة تعود إلى عام 1400 قبل الميلاد، تُظهر مومياء بأطراف مشوهة.
- سُجلت أول حالة من أعراض شلل الأطفال في عام 1789، كما وُثقت أول حالة مصابة بالمرض في عام 1835، وتم اكتشاف الفيروس والتعامل معه في عام 1908 بواسطة “إروين” و”لاندستنر” اللذين عزلا الفيروس ودراسوه مجهريًا.
- أعلن العالمان أن مصدر المرض ليس بكتيريًا بل فيروسي، وبعد ذلك تمت عدة تجارب، أولها كانت على لقاح بالحقن نسب إلى العالم “جوناس سالك” في عام 1954.
- وبعد عامين، طور عالم آخر يُدعى “سابين” لقاحًا فمويًا متقدم يستبدل الحقن، مما يجعله أكثر أمانًا وفعالية، وبدأت حملات التطعيم ضد المرض بشكل دوري على الصعيد العالمي.
أسباب حدوث شلل الأطفال
- ترجع أسباب شلل الأطفال وأعراضه إلى فيروس معوي يُسمى الفيروس السنجابي، وهناك ثلاثة أنماط من هذا الفيروس، ولكن النوع الأكثر انتشارًا هو النمط الأول.
- هذا النمط هو المسؤول عن المعاناة الناتجة عن المرض لدى الأطفال، وهو فيروس شديد العدوى، ينتقل بشكل رئيسي عن طريق المسلك الفموي- الشرجي.
- كونه فيروسًا معويًا، يدخل الجسم عن طريق الجهاز الهضمي، ويمكن أيضًا أن يدخل من الأنف، حيث يتكاثر داخل خلايا الحلق ويتجه لاحقًا إلى مراكز الجهاز العصبي.
- تتعدد طرق انتشار الفيروس بين الأفراد، مثل التعرض لبلغم أو مخاط شخص مصاب، أو عن طريق براز المصاب، أو الاتصال المباشر مع المريض.
- يمكن أن يحتفظ الجسم بالفيروس لفترة تصل إلى 35 يومًا، وقد يبدأ من خمسة أيام، كما يمكن أن ينقل المصاب العدوى قبل ظهور أي أعراض، مما يزيد من خطورة انتشار الفيروس.
أعراض مرض شلل الأطفال
- رغم ارتباط المرض بحدوث الشلل لدى المصاب، إلا أن معظم المرضى قد لا يشعرون بأي أعراض ولا يدركون إصابتهم.
- تشمل الأعراض الأولية للمرض الإحساس بالتعب، وآلام الرأس والأطراف، وارتفاع درجة الحرارة، والقيء، وقد يصاحبها تصلب في الرقبة.
- يُصاب واحد من كل مائتين بالشلل التام الذي غالبًا ما يؤثر على الأطراف السفلية، وقد يؤدي ذلك إلى الوفاة في حالة إصابة عضلات الجهاز التنفسي، مما يسبب صعوبة في التنفس في 5-10% من الحالات.
التهاب سنجابية النخاع غير المسبب للشلل
- يمكن أن تكون الأسباب وراء حالات شلل الأطفال أنواعًا من الفيروسات السنجابية التي لا تؤدي إلى الشلل، وهو ما يُعرف بـ “الشلل المجهض”.
- تتضمن أعراض الإصابة بهذا الفيروس علامات بسيطة تشبه أعراض الإنفلونزا وبعض الفيروسات الأخرى.
- تتمثل تلك العلامات في ارتفاع درجة الحرارة، وآلام الرأس والظهر، وآلام الرقبة والأطراف، والضعف العضلي العام، وقد تستمر هذه الأعراض لمدة تصل إلى عشرة أيام.
التهاب سنجابية النخاع الذي يسبب الشلل
- تُعد الإصابات بالنوع الأخطر من شلل الأطفال نادرة، إلا أن الأعراض الأولية للفيروس المتسبب للشلل تتشابه مع تلك الخاصة بالنوع غير المسبب للشلل، مثل آلام الرأس وارتفاع الحمى.
- لكن يمكن تمييزهما بعد سبعة أيام من الإصابة، حيث تبدأ الأعراض المميزة في الظهور مثل عدم رد الفعل، وآلام عضلية شديدة، والشلل الرخو في الأطراف.
مخاطر وتحذيرات حول شلل الأطفال
- من الخطأ الاعتقاد أن شلل الأطفال يصيب الأطفال فقط؛ فالحقيقة أن أي شخص لم يتلق التطعيمات اللازمة سيكون عُرضة للإصابة، بغض النظر عن عمره.
- قد يؤدي الفيروس السنجابي إلى الشلل الدائم في عضلات الجسم، وحدوث إعاقات، وتشوهات في العظام، بل وقد يتسبب في الوفاة إذا لم يتم التعامل معه بجدية في بعض المناطق.
مضاعفات شلل الأطفال
- يعاني الكثير من مصابي شلل الأطفال من مضاعفات، منها فشل ثانوي في الجهاز التنفسي؛ حيث يتسبب شلل الأطفال في توقف عضلات التنفس، مما يجعل الجهاز التنفسي عرضة للعديد من الأمراض.
- قد يحتاج المريض إلى تدخل فوري مثل رشف معدي أو شفط في المعدة في حالات عسر الهضم المفاجئ.
- يمكن أن يؤدي شلل الأطفال إلى زيادة ضغط الدم مما ينتج عنه أمراض دماغية خطيرة، كما يمكن أن يصبح الجهاز الهضمي عرضة للأمراض المعوية وتسبب نزيفًا حادًا.
- قد يصاب المريض أيضًا بالتهاب سحائي عقيم أو أعراض مشابهة، مثل التهاب التامور، والدوار، وبعض أمراض القلب المزمنة.
- تُعرف المتلازمة التي تحدث بعد شلل الأطفال بتطور اعتلال الجهاز العصبي والعضلي بعد مرور أكثر من 15 سنة على الشفاء.
متلازمة ما بعد شلل الأطفال
- تتضمن هذه المتلازمة مجموعة من الأعراض والإعاقات التي قد تظهر على بعض المرضى بعد مرور سنوات على الإصابة.
- تشمل هذه الأعراض: ضعف أو ضمور العضلات، آلام المفاصل، تعب شديد، مشكلات في الحلق والجهاز التنفسي، اضطرابات في النوم، وصعوبة التكيف مع درجات الحرارة المنخفضة.
الوقاية من شلل الأطفال
- تم اكتشاف عدة لقاحات كوسيلة وقائية ضد شلل الأطفال، حيث يجب أن يتلقى الأطفال في الولايات المتحدة جرعات من هذا اللقاح خلال أربع مراحل عمرية.
- تُعطى الجرعات عند عمر الشهرين، والأربعة، وبين 6-18 شهرًا، ثم بين سن أربع وست سنوات.
- تمثل هذه اللقاحات أمانًا خاصًا لضعاف المناعة، ولكن لا تزال الدراسات مستمرة حول أمانها للمرضى الذين يعانون من نقص شديد في المناعة. توجد آثار جانبية للقاح، مثل احمرار في منطقة الحقن وألم.