يُعتبر المتنبي واحدًا من أبرز الشعراء في العالم العربي، وما زالت أشعاره تُدرس حتى يومنا هذا. يسعى الكثيرون إلى البحث عن قصائده للتعلم والاستفادة، خصوصًا تلك التي تتناول موضوعات المدح والفخر.
أشعار المتنبي في المدح
يوجد عدد كبير من القصائد الشهيرة التي تُعبر عن المدح للشاعر العظيم المتنبي، ومن أبرزها قصيدة “يؤمّم ذا السيف آماله”. وسوف نستعرض بعض من أبياتها فيما يلي:
يُؤمِّمُ ذا السّيفُ آمالَهُ
وَلا يَفعَلُ السّيفَ أفعالهُ
إذا سارَ في مهمَهٍ عمَهُ
وَإن سارَ في جبلٍ طالهُ
وَأنتَ بِما نُلتَنا مالكٌ
يُثَمِرُ مِن مالِهِ مالَهُ
كأنّكَ ما بَينَنَا ضَيغَمٌ
يُرَشِّحُ للفَرسِ أشبالَهُ
قصائد المتنبي المشهورة في المدح
تُعتبر قصيدة “على قدر أهل العزم” من أكثر قصائد المتنبي شهرة، حيث مدح فيها سيف الدولة. سنستعرض منها بعض الأبيات كما يلي:
على قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
وتأتي على قدر الكرام المكارمُ
وتعظم في عين الصغير صغارُها
وتصغر في عين العظيم العظائمُ
يُكَلِّفُ سيف الدولة الجيش همّهُ
وقد عجزت عنه الجيوش الخضارمُ
ويطلب عند الناس ما عند نفسهِ
وذلك ما لا تدعيهِ الضراغمُ
يفدّي أتم الطير عمراً سلاحهُ
نسور الملاء أحداثها والقشاعمُ
وما ضرّها خلقٌ بغير مخالبٍ
وقد خُلِقَت أَسيافُهُ والقوائمُ
هل الحدث الحمراء تعرف لونها
وتعلم أيّ الساقيين الغمائمو
سقتها الغمام الغُرّ قبل نزولهِ
فلما دنا منها سقتها الجماجمُ
بناها فاستعلا والقنا تقرَعُ القنا
وموج المنايا حولها متلاطمُ
وكان بها مثل الجنون فأصبحت
ومن جُثَثِ القتلى عليها تمائمُ
طريدة دهرٍ ساقها فرددتَها
على الدين بالخطي والدهر راغمُ
تُفيتُ الليالي كل شيءٍ أخذتهُ
وهنّ لما يأخذن منك غوارمُ
إذا كان ما تنويه فعلاً مضارعًا
مضى قبل أن تُلقى عليه الجوازمُ
وكيف ترجي الروم والروس هدمها
وهذا الطعن أساسٌ لها ودعائمُ
وقد حاكموها والمنايا حوانمُ
فما مات مظلومٌ ولا عاش ظالمُ
أتوُكَ يجرّون الحديد كأنهم
سرَوا بجِيادٍ ما لَهُنّ قوائمُ
إذا برقوا لم تُعرف البيض منهمُ
ثيابهم من مثلها والعلمامُ
خميسٌ بشرق الأرض والغرب زحفهُ
وفي أذن الجوزاء منه زمازمُ
تجمَّع فيه كل لسن وأمةٍ
قصيدة “الخيل والليل والبيداء تعرفني” للمتنبي
تُعد قصيدة “الخيل والليل والبيداء تعرفني” من أشهر قصائد المتنبي، التي تُدّرَس في العديد من المناهج التعليمية. نستعرض بعض أبياتها كما يلي:
واحَرَّ قلباهُ ممن قلبهُ شَبِمُ
ومن بجسمي وحالي عندهُ سَقَمُ
ما لي أُكَتِّمُ حبًّا قد بَرَى جسَدي
وتدّعي حبّ سيف الدولة الأممُ
إن كان يجمَعنا حبٌّ لغُرَّتِهِ
فلَيت أنّا بقَدْرِ الحُبّ نقتسِمُ
قد زُرتُهُ وسُيور الهِنْدِ مُغمَدَةٌ
وقد نَظَرْتُ إليهِ والسّيُوفُ دَمُ
فكان أحسنَ خلقِ الله كُلّهِمِ
وكان أحسنَ ما في الأحسَن الشّيَمُ
فوتُ العدوّ الذي يمّمتَهُ ظفَرٌ
في طيّه أسفٌ في طيّه نِعَمُ
قد نابَ عنكَ شديدُ الخوفِ وَاصطنعت
لكَ المهابَةُ ما لا تصنَعُ البُهَمُ
ألزَمتَ نفسكَ شيئًا ليس يلزمُها
أن لا يُوارِيَهُم أرضٌ ولا علمُ
أكلما رُمتَ جيشًا فانثنى هربًا
تصرّفت بكَ في آثارِهِ الهممُ
عليك هزمُهم في كل مُعتَرَكٍ
وما عليك بهم عارٌ إذا انهزموا
أما ترى ظفراً حلواً سوى ظفرٍ
تصافحت فيهِ بيضُ الهند واللممُ
يا أعدلَ الناسِ إلّا في مُعامَلَتي
فيكَ الخِصامُ وأنت الخصمُ والحكمُ
أُعِيذُهَا نَظَراتٍ منك صادقةً
أن تحسبَ الشّحمَ فيمن شحمُهُ وَرَمُ
وما انتفاعُ أخي الدنيا بناظِرِهِ
إذا استَوَت عندهُ الأنوارُ والظُلُمُ
سيعلم الجمع ممن ضمّ مجلِسنا
بأنّني خيرُ من تسعى به قَدَمُ
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدَبي
وأسمعت كلماتي من به صممُ
أنامُ ملء جُفونِي عن شواردِها
ويسهرُ الخلقُ جرّاءَها ويختصمُ
وجاهلٍ مدّهُ في جهلِهِ ضحكي
حتى أتته يدٌ فراسةٌ وفمُ
إذا رأيتَ نُيُوبَ اللّيثِ بارزةً
فلا تظننّ أن اللّيثَ يبتسمُ
ومهجتي مُهجتي من همّ صاحبها
أدركتهَا بجَوَادٍ ظَهْرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرّكضِ رِجلٌ واليدانِ يدٌ
وفعلُهُ ما تريدُ الكفُّ والقَدَمُ
ومُرهَفٍ سرتُ بينَ الجَحفَلَينِ بهِ
حتى ضربتُ وموجُ الموتِ يلتطمُ
الخيلُ والليلُ والبيداءُ تعرفني
والسيفُ والرمحُ والقرطاسُ والقلمُ
صحبتُ في الفَلَواتِ الوحشَ منفَرِدًا
حتى تعجَّبَ منّي القُورُ والأكمُ
يا من يعزّ علينا أن نُفارِقَهُم
وجدانا كلّ شيءٍ بعدكم عدمُ
ما كان أخلَقَنا منكم بتكرمةٍ
لو أن أمركُم من أمرنا أممُ
أبيات المدح للنبي
تعددت القصائد التي تناولت مدح النبي، حيث قام المتنبي بمدح الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى قصائده المعروفة، وسنستعرض الآن بعض من تلك الأبيات:
أمريد مثل محمد في عصرنا.
لا تبلنا بطلاب ما لا يلحق.
لم يخلق الرحمن مثل محمد.
أبداً وظني أنه لا يخلق يا ذا.
الذي يهب الجزيل وعنده.
أني عليه بأخذه أتصدق.
أمطر على سحاب جودك.
ثرة وأنظر إلى برحمة لا أغرق.
كذب ابن فاعلة يقول بجهله.
مات الكرام وأنت حي ترزق.
وعجبت من أرض سحاب.
أكفهم من فوقها وصخورها.
لا تورق وتفوح من طيب الثناء.
روائح لهم بكل مكانة تستنشق.
مسكية النفحات إلا أنها.
وحشية بسواهم لا تعبق.