تتسم قصائد نزار قباني بالتنوع الواسع، حيث تعكس مشاعر متعددة مثل الحب، الفراق، الرحيل، العتاب، والشوق، وغيرها من الأحاسيس التي استطاع أن يعبر عنها بمهارة فائقة.
قصائد نزار قباني حول الحب الحزين
في سياق مناقشتنا لأشعار نزار قباني المتعلقة بالحب الحزين، نستعرض لكم قصيدة “أيظن أني لعبة بيديه”، التي تعد من أبرز إبداعاته. إليكم أبيات هذه القصيدة:
أيظن أني لعبة بيديه؟
أنا لا أفكر في الرجوع إليه
اليوم عاد كأن شيئًا لم يكن
وبراءة الأطفال في عينيه
ليقول لي: إني رفيقة دربه
وبأنني الحب الوحيد لديه
حمل الزهور إلي.. كيف أرده
وصباي مرسوم على شفتيه
ما عدت أذكر.. والحرائق في دمي
كيف التجأت أنا إلى زنديه
خبأت رأسي عنده.. وكأنني
طفل أعادوه إلى أبويه
حتى فساتيني التي أهملتها
فرحت به.. رقصت على قدميه
سامحته.. وسألت عن أخباره
وبكيت ساعات على كتفيه
وبدون أن أدري تركت له يدي
لتنام كالعصفور بين يديه ..
ونسيت حقدي كله في لحظة
من قال إني قد حقدت عليه؟
كم قلت إني غير عائدة له
ورجعت.. ما أحلى الرجوع إليه ..
أجمل قصائد نزار قباني في الحب الحزين
تميزت أشعار نزار قباني بتنوع مشاعرها، إذ كتب في مختلف أنواع الشعر. ومن أجمل قصائد الحب الحزين التي كتبها “تلومني الدنيا إذا أحببته”. دعونا نستعرض أبيات هذه القصيدة:
تلومني الدنيا إذا أحببته
كأنني.. أنا خلقت الحب واخترعته
كأنني أنا على خدود الورد قد رسمته
كأنني أنا التي..
للطير في السماء قد علمته
وفي حقول القمح قد زرعته
وفي مياه البحر قد ذوبته..
كأنني.. أنا التي
كالقمر الجميل في السماء..
قد علقته..
تلومني الدنيا إذا..
سميت من أحب.. أو ذكرته..
كأنني أنا الهوى..
وأمه.. وأخته..
هذا الهوى الذي أتى..
من حيث ما انتظرته
مختلفٌ عن كل ما عرفته
مختلفٌ عن كل ما قرأته
وكل ما سمعته
لو كنت أدري أنه..
نوعٌ من الإدمان.. ما أدمنته
لو كنت أدري أنه..
بابٌ كثير الريح.. ما فتحته
لو كنت أدري أنه..
عودٌ من الكبريت.. ما أشعلته
هذا الهوى.. أعنف حبٍ عشته
فليتني حين أتاني فاتحاً
يديه لي.. رددته
وليتني من قبل أن يقتلني.. قتلته..
هذا الهوى الذي أراه في الليل..
على ستائري..
أراه.. في ثوبي..
وفي عطري.. وفي أساوري
أراه.. مرسوماً على وجه يدي..
أراه منقوشاً على مشاعري
لو أخبروني أنه
طفلٌ كثير اللهو والضوضاء ما أدخلته
وأنه سيكسر الزجاج في قلبي لما تركته
لو أخبروني أنه..
سيضرم النيران في دقائقٍ
ويقلب الأشياء في دقائقٍ
ويصبغ الجدران بالأحمر والأزرق في دقائقٍ
لكنت قد طردته..
يا أيها الغالي الذي..
أرضيت عني الله.. إذ أحببته
هذا الهوى أجمل حبٍ عشته
أروع حبٍ عشته
فليتني حين أتاني زائراً
بالورد قد طوقته..
وليتني حين أتاني باكياً
فتحت أبوابي له.. وبسته
أجمل قصائد نزار قباني عن الفراق
نُقدم لكم اللمحات الأكثر تميزًا في أشعار نزار قباني حول الفراق، ومن أبرزها “بريدها الذي لا يأتي”، والتي تعد من القصائد الرائعة، وتظهر أبياتها كما يلي:
تلكَ الخطاباتُ الكسولةُ بيننا
خيرٌ لها.. خيرٌ لها.. أن تُقْطَعَا
إنْ كانت الكلماتُ عندكِ سُخْرَة
لا تكتبي فالحبّ ليس تبرّعا
إني لأقرأ ما كتبتِ فلا أرى
إلاّ البرودةَ .. والصقيعَ المفْزِعا..
عفويةً كوني وإلاّ فاسكتي
فلقد مللتُ حديثَكِ المتميّعا
حَجَريّةَ الإحساس .. لن تتغيّري
إني أخاطبُ ميّتا لن يَسمعا
ما أسخفَ الأعذارَ تبتدعينها
لو كان يمكنني بها أن أقنعا
سنةٌ مضتْ وأنا وراء ستائري
أستنظر الصيفَ الذي لن يرجعا..
كلُّ الذي عندي رسائلُ أربعٌ
بقيتْ – كما جاءت- رسائلَ أربعا.
هذا بريدٌ أم فتاتُ عواطف
إني خُدعتُ ولن أعودَ فأُخدعا.
يا أكسل امرأةٍ .. تخطّ رسالة
يا أيتها الوهمُ الذي ما أشبَعَا..
أنا من هواكِ .. ومن بريدكِ مُتْعب
وأريدُ أن أنسى عذابكما معا..
لا تُتْعبي يدَكِ الرقيقةَ إنني
أخشى على البلور أن يتوجعا..
إني أريحُكِ من عناء رسائلٍ..
كانتْ نفاقاً كلُّها.. وتصنّعا
الحرفُ في قلبي نزيفٌ دائم
والحرفُ عندكِ.. ما تعدّى الإصبعا
من أبرز ما ذكره نزار قباني حول الحب الحزين
يتضمن إرث الشاعر نزار قباني العديد من الدواوين التي تتعلق بوصف الحب الحزين، ومن بين أبرز قصائده “علمني حبك”، التي تحمل كلمات مؤثرة كما يلي:
علمني حبك أن أحزن وأنا محتاج منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن لامرأة أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور
لامرأة تجمع أجزائي كشظايا البّلور المكسور
علّمني حبّك سيّدتي أسوأ عادات
علّمني أفتح فنجاني في اللّيلة آلاف المرّات
وأُجرّب طِبّ العطّارين وأطرق باب العرّافات
علّمني أخرجُ من بيتي لأُمشط أرصفة الطرقات
وأطارد وجهك في الأمطار وفي أضواء السّيارات
أطارد ثوبك في أثواب المجهولات
أطارد طيفك حتّى في أوراق الإعلانات
علّمني حبّك كيف أهيم على وجهي ساعات بحثاً عن شعرٍ غجريٍ تحسده كلّ الغجريّات
بحثاً عن وجهٍ، عن صوت، هو كلّ الأوجه والأصوات
أدخلني حبّك سيّدتي مدنَ الأحزان
وأنا من قبلك لم أدخل مدنَ الأحزان
لم أعرف أبداً أنّ الدّمع هو الإنسان وأنّ الإنسان بلا حزنٍ ذكرى إنسان
علّمني حبّك علّمني حبّك أن أتصرّف كالصبيان أن أرسم وجهك بالطّبشور على الحيطان
وعلى أشرعة الصّيادين، على الأجراس، على الصُلبان
علّمني حبّك كيف الحبّ يغير خارطة الأزمان
علّمني أنّي حين أحبُّ تكفّ الأرض عن الدّوران
علمني حبّك أشياءً ما كانت أبداً في الحسبان
فقرأت أقاصيص الأطفال، دخلت قصور ملوك الجان
وحلمت أن تتزوّجني بنت السّلطان
تلك العيناها أصفى من ماء الخلجان
وحلمت أني أخطفها مثل الفرسان وحلمت بأنّي أُهديها أطواق اللّؤلؤ والمرجان
علّمني حبّك، يا سيّدتي، ما الهذيان
علّمني كيف يمرّ العمر ولا تأتي بنت السّلطان
علّمني حبّك كيف أحبّك في كلّ الأشياء في الشجر العاري، في الأوراق اليابسة الصّفراء
في الجوّ الماطر في الأنواء في أصغر مقهى نشرب فيه مساءً قهوتنا السّوداءْ
علّمني حبّك أن آوي لفنادق ليس لها أسماء ومقاهٍ ليس لها أسماء
علّمني حبّك كيف اللّيل يضخّم أحزان الغرباء
علّمني كيف أرى بيروت امرأة تلبس كل مساء
علّمني كيف ينام الحزن كغلامٍ مقطوع القدمين في طرق الرّوشة والحمراء
علّمني حبّك أنْ أحزن وأنا محتاجٌ منذ عصور
لامرأة تجعلني أحزن
لامرأة أبكي فوق ذراعيها مثل العصفور
لامرأة تجمع أجزائي كشظايا البلّور المكسور