عبد الله بن قدامة المقدسي، المعروف بلقب الدمشقي، هو فقيه وإمام يُعتبر من أبرز أعلام الإسلام. وُلِد عام 541 هـ في شهر شعبان في جماعيل، ثم انتقلت عائلته إلى دمشق عندما كان في سن العاشرة.
جراء احتلال الحملة الصليبية لفلسطين، أتم حفظ القرآن الكريم ومختصر الخرقي، ومن أعماله البارزة كتاب “المغني” في شرح الخرقي، الذي يتكون من عشرة مجلدات.
من هو ابن قدامة المقدسي
ينتمي ابن قدامة إلى عائلة يعود نسبها إلى سالم العدوي القرشي ويمتاز بانتسابه للمذهب الحنبلي. يُعدّ من أبرز العلماء في زمانه، حيث ساهمت ذكاؤه في رفع مكانته كإمام الفقهاء:
- تعلم على يد العديد من الشيوخ، بما في ذلك سليمان وابن سعد، وأخذ عن ابن مسلم. كما تردد كثيرًا على الشيخ ابن تيمية لاستقاء العلم.
- انتقل إلى العراق للتعلم في أصول الفقه، حيث قام بزيارتين واستفاد من الحافظ عبد الغني في إحدى رحلاته.
- خلال تلك الفترة حضر جنازة الشيخ عبد القادر لمدة 40 يومًا، وأقام في المدرسة لتلقي العلم من المشايخ، مما زاد من معرفته في الفقه.
- أبدع في الفقه والنقاش والإفتاء، وتمكن من التدريس والتعليم في بغداد لمدة أربع سنوات، مما أسهم في تنمية مهاراته في الحديث والفقه.
- تنمية الشخصية على أسس الأخلاق الحميدة مثل التواضع والحياء والورع، مع الاستمرار في العبادة من قراءة وصوم وصلاة.
- عند عودته إلى دمشق أصبح إمامًا في الجامع المظفري، حيث ألقى كثيرًا من الخطب في الجمع، وكان معروفًا بالتنقل بين العشائين قرب محرابه.
- دائمًا ما كان يعود إلى منزله بعد صلاة العشاء، ويستضيف الفقراء على مائدته لمشاركة طعامه.
- كانت ابتسامته تعكس طيبة قلبه، حتى قيل إنه كان يبتسم بطريقة تحمل أعداءه على القلق.
سمات المقدسي
تناقلت الآراء الإيجابية حول ابن قدامة بين كثير من العلماء، وهذه السمات تبرز أخلاقياته:
- ابن الجوزي: وصفه بـ “إمام زاهد” وذكر عنه ورعه وخجله وعطفه على المساكين.
- ابن النجار: اعتبره إمام الحنابلة في جامع دمشق وموثوقًا في الفتوى، عابد ونزيه.
- أبو شامة: ذكر أنه إمام الحنابلة في عصره، وكتب في الفقه مراجع كانت ذات قيمة للطلاب.
- ابن الحاجب: وصفه بأنه إمام كل الأئمة في زمانه، ومفتي الأمة، وله مؤلفات متنوعة غنية بالمعلومات.
أشهر كتب المقدسي
ألف ابن قدامة العديد من الكتب في مجالات وفنون متعددة، ومن أهمها:
أشهر كتبه في العقيدة
- من أهم مؤلفاته “ذم التأويل”، “لمعة الاعتقاد”، و”إثبات صفة العلو”.
أشهر كتبه في الفقه
- ألّف عدة كتب بارزة مثل “المقنع في فقه الإمام أحمد”، “عمدة الفقه”، “رسالة في المذاهب الأربعة”، و”مناسك الحج”.
أشهر كتبه في القرآن والسنة
- كتب في العلوم المتعلقة بالقرآن والسنة، من أبرزها “قنعة الأريب في الغريب”، “مختصر علل الحديث”، و”المناظرة في القرآن”.
أشهر كتبه في الفضائل والأخلاق
- وثّق القيم الأخلاقية في كتبه مثل “الزهد”، “فضائل الصحابة”، و”الرقة والبكاء”.
أشهر كتبه في التاريخ والأنساب
- شارك بمعرفته التاريخية في كتب مثل “التبيين في نسب القرشيين”.
كتاب المغني في شرح الخرقي للمقدسي
يُعتبر “المغني في شرح الخرقي” من الكتب القيمة في المذهب ويقسم إلى عشرة مجلدات، استفاد منه العديد من طلاب العلم:
- الكتاب هو مختصر شامل لشرح أبي القاسم الخرقي، وصُمم ليكون مرجعًا للمقبلين على التعلم في الفقه.
- المجلد الأول يتناول مسائل الطهارة، وتوقيت التيمم، وحالات كون الماء نجساً.
- في المجلد الثاني، يتم عرض مسائل الآنية وأحكام وضوء الصحابي باستخدام آنيّة من الذهب.
- يتناول المجلد الثالث مسائل الفطرة وكيفية استخدام السواك، بالإضافة إلى خطوات الوضوء ومسائل الجنابة.
- واستمر بتناول مسائل تتعلق بالحدث وأدب التخلي، ثم انتقل للحديث عن الأمور التي تنقض الطهارة.
- ينتهي الكتاب بمناقشة موضوع العتق بالتفصيل، متناولاً أحكام كتابة المكاتب والتدبير.
إنجازات المقدسي في خدمة الإسلام
استطاع ابن قدامة نشر العلوم من خلال مؤلفاته وتدريس الطلاب، وأيضاً كان له دور بارز في الحروب الإسلامية، ومن أبرزها:
- حصار عكا: شارك عام 583 هـ في الحصار مع الجيش الأيوبي ضد قوات الاحتلال.
- معركة حطين: أسَر قائد جيش العدو خلال المعركة.
- ساهم في الفتوحات الإسلامية مثل فتح القدس وتحرير الناصرة.