إن الإيثار هو مفهوم يُعبر عن تقديم مصلحة الآخرين على المصلحة الشخصية بهدف نيل الحظوظ الدينية بدلاً من الدنيوية. وإذا كانت هناك غاية من وراء الإيثار، أو منفعة دنيوية، فإنه لا يُعتبر إيثارًا.
كما يُعرف الإيثار بأنه وضع فائدة الآخرين قبل فائدة النفس دون السعي لأي منفعة أو تعويض. في هذا المقال، سنستعرض أقسام الإيثار في الإسلام.
أقسام الإيثار في الإسلام
يتم تقسيم الإيثار في الإسلام إلى قسمين رئيسيين، وسنوضح التفاصيل التالية:
إيثار يتعلق بالخالق
يُعتبر هذا النوع من الإيثار من أبرز وأسمى الأنواع، وهو يعبر عن حب الله تعالى. وللإيثار علامات محددة، تشمل:
- قيام الفرد بما يوجهه الله تعالى، حتى إذا كانت نفسه لا تتقبله.
- ابتعاد الإنسان عن ما ينهانا الله سبحانه وتعالى عنه، حتى وإن كانت نفسه تميل إليه.
إيثار يتعلق بالخلق
قسّم الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، الإيثار المتعلق بالخلق إلى عدة فئات، وهي:
- الإيثار بالواجب: ويعد هذا النوع محرمًا، حيث يُفضل الفرد الآخرين بما هو واجب عليه شرعًا، مما يؤدي إلى تضييع حقوقه.
- الإيثار بالمستحب: ويُعتبر محببًا أقل، يشمل ذلك تفضيل الفرد للآخرين في الأمور المستحبة، مثل تصدّر الصف الأول في الصلاة.
- الإيثار بالمباح: ويعتبر مباحًا، بل قد يصل إلى درجة الاستحباب، ويتعلق بتفضيل الفرد للآخرين في الأمور المباحة، كأن يعرض طعامًا لا يحتاج إليه.
- الإيثار بالمحرم: يُعد هذا النوع محرمًا أيضًا، وهو عندما يفضل الفرد الآخرين على نفسه في الأمور المحرمة شرعًا، كأن يعطيهم المال لشراء الخمر أو المخدرات.
فوائد الإيثار
تتعدد فوائد الإيثار، فهي تعود بالنفع على الفرد والمجتمع، ومن أبرز هذه الفوائد:
- يعزز الإيمان وكمال المؤمن، إذ يسعى الفرد لإرضاء الله سبحانه وتعالى من خلال تفضيل الآخرين.
- يُظهر الإيثار حسن الظن بالله، مما يجلب الخير والبركة لحياة المؤمنين.
- يبعد المسلم عن الكبر والتفاخر، حيث تغدو نفسه بعيدة عن الأمور السطحية.
- يعزز المحبة بين الناس، من خلال التعاون والإيثار في حياتهم اليومية.
- تعود الأقسام المتنوعة للإيثار بفوائد عظيمة على الفرد بعلاقته مع الله، وعلى المجتمع بشكل عام.
- يؤدي الإيثار إلى الفلاح في الآخرة، ويقي المؤمن من الشح.
- المؤمن الذي يؤثر على الآخرين يُمنح حسن الخاتمة وينعم بالقرب من الله.
- يجني المؤثر ثمار أفعاله في الدنيا من خلال حب الناس له وفي الآخرة بحسن الذكر.
- من أعظم فوائد الإيثار هو الاقتداء بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
شروط الإيثار
هناك شروط محددة للإيثار ليكون مقبولًا عند الله عز وجل، ومن هذه الشروط:
- عدم الإيثار في الواجبات، حيث يُمنع التأثير بفرضٍ أوجبه الله.
- يجب أن تتبع أقسام الإيثار الشروط ذاتها، سواء كانت متعلقة بالخالق أو بالخلق.
- يجب ألا يُلحق الإيثار ضررًا بالفاعل أو يمنعه من فعل الخير.
- يجب أن لا يؤثر الإيثار على قرب الفرد من الله، فلا يجوز تفضيل آخر على النفس في الصف الأول، كما قال تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون).
- يجب أن يكون الإيثار لمن يستحق، مثل تفضيل الفقراء على الأغنياء للحصول على أجر أكبر.
أسباب ودوافع الإيثار
يمكن تلخيص دوافع الإيثار في النقاط التالية:
- الإيمان بالله والإخلاص له، فالمؤمن يسعى دومًا لرضا الله ولتحقيق الجنة من خلال الأعمال الصالحة.
-
الرحمة واللين، فالإيثار ينشأ من وجود الرحمة في قلب المؤمن.
- يجب على الإنسان أن يتذكر أن نهايته هي الموت وملاقاة الله، مما يدفعه للقيام بالأعمال التي ترضي الله.
- الابتعاد عن الشح، فالمؤمن الذي يلتزم بالإيثار يعرف أنه لا يمكن أن يكون بخيلًا.
- الرغبة في التحلّي بمكارم الأخلاق، وفهم أن الإيثار من علامات الكرم.
- إن التحلّي بالأخلاق الحسنة يجعل الإنسان محبوبًا بين الآخرين، حيث جبل الله قلوب عباده على محبة هذه الأخلاق.