من هي أول طبيبة في الإسلام؟ يعد هذا سؤالاً يثير اهتمام الكثيرين ممن يرغبون في التعرف على تاريخ الطب، حيث أن المجال الطبي في العصور الإسلامية لم يكن حكراً على الرجال، بل كان للنساء دور بارز ومؤثر أيضاً. وفي إطار دور المرأة في الإسلام، فإن الدين يقر بحقوقها في جميع مجالات الحياة.
لم يُحرَم النساء من أي حق، بما في ذلك حقوق العمل. لذا، نود أن نسلط الضوء على أول طبيبة في الإسلام، فتابعوا معنا.
أول طبيبة في الإسلام
تمتلك النساء في الإسلام دورًا مهمًا للغاية، حيث كانت الصحابيات يمارسن مختلف المهن كالتجارة، مثل السيدة خديجة، أو التعليم والإفتاء، كما فعلت السيدة عائشة رضي الله عنها. وقد كانت هناك دائماً تشجيعات من الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء من أجل الاندماج في العمل.
الآن دعونا نسلط الضوء على إحداهن التي تميزت في مجال الطب والتمريض، وهي السيدة رفيدة الأسلمية. من هي وما كان دورها في هذا الميدان؟
رفيدة الأسلمية: أول طبيبة في الإسلام
كان للسيدة رفيدة الأسلمية دور بارز في علاج الجرحى خلال الحروب، بالإضافة إلى تقديم العلاج للمرضى خلال الأوقات السلمية.
تعود أصولها إلى قبيلة أسلم، وكانت تعرف أيضاً بـ”رفيدة الأنصارية”. ولدت في المدينة المنورة، ووالدها هو الطبيب سعد الأسلمي. تعلّمت رفيدة الطب منذ صغرها نتيجة لتواجدها الدائم بجوار والدها.
كانت تُعرف بسخائها في تقديم المساعدة للآخرين، حيث نالت شهرة كبيرة في العطاء والإحسان. بل كانت من الأوائل الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة.
ملامح شخصية رفيدة الأسلمية
- كانت شغوفة بالله ورسوله، وقد كانت تكرس حياتها في خدمة الآخرين.
- أدت دورًا مهمًا في الدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وعقيدة الإسلام.
- ساهمت بشكل ملحوظ في الجهاد في سبيل الله، من خلال مساعدة الجرحى والمصابين خلال الحروب.
- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكن لها احتراماً كبيراً ويدعم جهودها في المجال الطبي.
- كانت من بين الذين بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بعد هجرته.
- شاركت في غزوات مثل غزوة الخندق وغزوة خيبر.
- لم تقتصر دورها على الطب، بل كانت أيضًا قارئة وكاتبة.
- اشتهرت بلقب “قاطبة”.
- لم تبخل بمالها، بل كانت تنفق بسخاء على الجرحى والمحتاجين.
- أطلق عليها لقب “الفدائية” تقديراً لمساهمتها الكبيرة في المعارك.
مواقفها مع الرسول
تجلت شجاعة السيدة رفيدة في مواقف عديدة مع رسول الله، ومن أبرزها:
حينما أصيب الصحابي سعد بن معاذ في غزوة الخندق، قامت بتطبيق مهاراتها الطبية بذكاء، حيث تمكنت من وقف النزيف دون الحاجة إلى إزالة السهم من صدره، وهو ما كان يهدد حياته.
يقول ابن الأثير: “عندما أصيب سعد بالسهم في الخندق، قال الرسول للناس: اجعلوه في خيمة رفيدة حتى أتمكن من زيارته”. وكان النبي يتردد على زيارته ويستفسر عن حاله.
لم تكتفِ بلعب دور الممرضة، بل كانت تعمل بجد أثناء الجهاد، وتخفف الألم عن المصابين، وكانت تبدي شجاعة كبيرة في مواجهة الموت، كل ذلك أملاً في الحصول على الأجر من الله.
حملت معها خيمتها التي كانت تضم كل ما تحتاجه من معدات لتقديم الرعاية للجرحى، وكانت تلك الخيمة تُعتبر بمثابة المستشفى الميداني الأول، على الرغم من بساطة الأدوات المستخدمة.
رفيدة كقدوة
تظل سيرة السيدة رفيدة نموذجًا يُحتذى به لكثير من النساء في الماضي والحاضر، حيث كانت تُصّر على استخدام كل ما تملك من أموال لدعم عملها الإنساني وسبيل الله، وعلى الرغم من ذلك، لم يتم تسجيل تاريخ وفاتها في كتب التاريخ.
التمريض في الإسلام
تاريخيًا، كان الطب يحظى باهتمام كبير من العرب، إذ كانوا روادًا في استخدام التخدير الذي عُرف في ذلك الوقت باسم “المرقد”. كما كانوا أول من خصص أماكن في المستشفيات لعلاج مرضى الجذام.
في ذلك العصر، لعبت المرأة دورًا قويًا في مجال الطب والتمريض، حيث كانت تذهب إلى ساحات الحرب لعلاج المصابين، مكرسة جهودها في سبيل الله.
عرفن في ذلك الوقت بكنية “الآسيات”، وكن يرافقن المحاربين لحمل المياه وتقديم العون للجريح.
النظام المتبع لتوزيع الممرضات في غزوات رسول الله
كان هناك نظام واضح لتوزيع الممرضات خلال الغزوات، حيث كن يتمركزن في مؤخرة الجيش لحماية المسلمين. ومن كل قبيلة تشارك في الغزوات، كان يوجد متطوعات من تلك القبيلة لتقديم الخدمة للجهادين والجرحى.
وكانت كل مجموعة من المتطوعات تُقودها واحدة من النساء المؤمنات، مما يعكس التنظيم الجيد الذي كان موجودًا آنذاك وأوجه الشبه مع الأنظمة الحالية أثناء الحروب.
مشاركة الصحابيات في تمريض الجرحى أثناء الحروب
بعد التعرف على أول طبيبة في الإسلام، لنستعرض بعض الصحابيات الأخريات اللواتي ساهمن بشكل كبير في تمريض الجرحى والمصابين أثناء الحرب:
- السيدة عائشة، أم المؤمنين: كان لها دور بارز في غزوة أحد حيث قامت بالعناية بالرسول صلى الله عليه وسلم أثناء مرضه.
- أم أيمن: كانت تقدم الماء والمعونة الجرحى وشاركت أيضًا في غزوة أحد، وزوجها استشهد في إحدى المعارك.
- أم سليم: والدة الصحابي أنس بن مالك، كانت لها مشاركات في معارك عديدة مثل أحد وخيبر وحنين حيث كانت ترافق السيدة عائشة لجلب الماء للجنود.
- أم سلمة: إحدى زوجات الرسول، شاركت في غزوات خيبر وحنين والحديبية، وكانت تعتني بالجرحى وتساعد المجاهدين في الحصول على الماء.
- أميمة بنت قيس الغفارية: شاركت في علاج الجرحى خلال غزوة خيبر بعد إسلامها.
- أم حبيبة الأنصارية: كانت من المجاهدات وشاركت في سبع غزوات، حيث ساعدت في تقديم الطعام والشراب للجرحى.