يعتبر البيت الذي وُضع للناس في مكة، واحدًا من أنقى وأجمل الأماكن الموجودة على سطح الأرض. فهو خير الأرض، وهو بمثابة قبلة المسلمين. يحتوي على أول مسجد تم إنشاؤه في مكة والذي يؤدي فيه المسلمون شعائر الحج. في هذا السياق، سنتعرف على أهمية هذا البيت وما يحمله من فضل.
أول بيت وُضع للناس في مكة
-
إن أول بيت وُضع للناس على سطح الأرض في مكة هو بيت الله الحرام.
- جعل الله سبحانه وتعالى هذا المكان مشرفًا لأداء المناسك وتعبّد العباد فيه.
- كان هناك بيوت سابقة ولكن يُعتقد أن هذا البيت هو أول مسجد خصص لعبادة الله، ويشير بعض المفسرين إلى أنه أول بيت بُني بشكل عام.
- وفقًا لما ذكره الحافظ ابن كثير، فإن المولى عز وجل قد وضع أول بيت للناس في مكة، وهو الكعبة التي شيدها النبي إبراهيم عليه السلام لأداء المناسك والصلاة.
-
قام سيدنا إبراهيم، بأمر رب العالمين، ببناء هذا البيت لأداء مناسك الحج، حيث وُصِف بأنه مبارك، ويعني أن الله هدى به العالمين.
- كما جاء في الآية الكريمة: (إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ) «سورة آل عمران: الآية 96».
- ذكر الإمام القرطبي أن أباذر قد سأل النبي محمد صلى الله عليه وسلم عن أول مسجد وُضع في الأرض، فأجابه: «المسجد الحرام»، وسأله عن التالي فقال: «المسجد الأقصى»، وسأله عن المدة بينهما، فأجاب: «أربعون عامًا، ثم الأرض كلها مسجد؛ حيثما أدركتك الصلاة فصل».
- قد جعل الله هذا البيت مباركًا فيه الخير والبركة وهدى للعالمين. وهو موطن آيات واضحة على التوحيد مثل الصفا والمروة، ويتواجد فيه مقام إبراهيم، والحجر الأسود، وماء زمزم، حيث من يدخل الحجر يظل آمنًا.
- أشهر الآيات التي تشير إلى هذا الأمان هو ما يتعلق بقصة أصحاب الفيل، حيث أمر الله بتدميرهم مستخدمًا طير الأبابيل، كما هو مذكور في كتابه الكريم: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) «سورة الفيل: الآية 1».
معنى “أول بيت”
-
تشير عبارة “أول بيت” إلى أن الكعبة تُعتبر الأقدم من بين البيوت الأخرى، حيث تدل الآية الكريمة على أنها أول بيت تم بناؤه على وجه الأرض.
- يُعتقد أن الكعبة أُنشئت في عهد النبي آدم عليه السلام، ولكن أعاد سيدنا إبراهيم بناءها مرة أخرى لتكون مركز هداية للناس.
- أعاد سيدنا إبراهيم بناء البيت الحرام، حيث احتلت الكعبة مكانة هامة بين البيوت المخصصة لعبادة الله، والتي اختارها المولى ليتواجد بها في مكة.
- يوجد تفسير آخر يشير إلى أن هذا هو أول بيت بُني لآدم، لكن تم طمسه خلال الطوفان.
- تعتبر الكعبة أول بيت مبارك ومليء بالخيرات والفوائد للبشرية لمن يزورها لأداء مناسك الحج أو العمرة.
إبراهيم وإسماعيل وبناء الكعبة
- أمر الله سبحانه وتعالى سيدنا إبراهيم وإسماعيل برفع قواعد الكعبة، والتي كانت موجودة مسبقًا، ولكنها طمست بسبب الطوفان الذي حدث في زمن سيدنا نوح عليه السلام.
-
قام الله بإرشاد نبيه إلى موقعها، وعمل سيدنا إبراهيم مع ابنه إسماعيل على بناء الكعبة.
- استعان إبراهيم بإسماعيل لنقل الحجارة، ورتبها على شكل صفوف فوق بعضها.
- عندما شعر سيدنا إبراهيم بالتعب، طلب من ابنه إسماعيل إحضار حجر ليرتفع بها، وهذا الحجر موجود في مقامه ويحمل آثار أقدامه.
- خلال عملية بناء الكعبة، دعا سيدنا إبراهيم وابنه الله عز وجل كما جاء في الآية: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
- بعد الانتهاء من البناء، أصبحت الكعبة مكانًا يقصده المسلمون وتُعتبر ملاذًا آمنًا.
تابع معنا:
مراحل بناء الكعبة
-
مرت الكعبة بعدة مراحل على مر التاريخ، وكان أول من بنى الكعبة هو نبي الله سيدنا إبراهيم عليه السلام.
- في البداية، كان طولها 8 أذرع، وكانت بلا سقف.
- بعد ألفي عام، أصبحت الكعبة مهددة بالانهيار. لذا، قامت قريش بإعادة بنائها خلال فترة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، قبل البعثة بخمس سنوات. وقد حصلت خلافات بين قبائل قريش حول وضع الحجر الأسود.
-
ثم قام عبد المطلب بن هاشم بوضع باب للكعبة وزينه بالذهب.
- ونما طولها إلى 18 ذراعًا بعد 18 عامًا من عام الفيل.
-
ظل بناء الكعبة في عهد قريش حتى شهدت حريقًا كبيرًا في زمن عبد الله بن الزبير، بعد 60 عامًا من الهجرة.
- إذ قام ابن الزبير ببناءها على قواعد إبراهيم وأدخل حجر إسماعيل وجعل لها بابين، واحد في الغرب وآخر في الشرق.
-
بعد مقتل ابن الزبير، أرسل الحجاج إلى عبد الملك بن مروان ليخبره أن ابن الزبير قد قام بتغيير تصميم الكعبة. فاستجاب عبد الملك وأمر بإعادة بناء الكعبة وتحسين ارتفاعها، وفصل حجر إسماعيل عن الكعبة مكتفيًا بباب واحد.
- وبالرغم من ذلك، أشار العلماء إلى أن ابن الزبير قد اتبع نهج النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة.
-
في عهد العباسيين، أعاد هارون الرشيد بناء الكعبة وفقًا لرؤية النبي عليه الصلاة والسلام.
- وقد استشار الإمام مالك في هذا الأمر، وظلت الكعبة كما هي عليه حتى الآن.
بركات بيت الله الحرام
تتنوع بركات بيت الله الحرام إلى نوعين هما البركات المادية والمعنوية كما يلي:
البركات المادية
- تشمل البركات المادية مجيء الناس من جميع أنحاء العالم إلى بيت الله الحرام، حيث يحملون معهم خيرات الأرض.
- يقدمون هذه الخيرات صدقات لمن يقومون بالطواف حول البيت، وهذا تلبية لدعوة سيدنا إبراهيم، كما جاء في قوله تعالى: (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ، رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ).
البركات المعنوية
- تعتبر الكعبة المشرفة أكبر مكان يجمع المسلمين على العبادة وأداء فريضة الحج.
- يتوجه المسلمون إلى قبلة الله ويؤدون صلاتهم رغم اختلاف أجناسهم وألوانهم، ما يجعلها مكان هداية للعالمين.
- عندما يتوجه الإنسان إلى الكعبة، تتجه قلوبهم إلى فعل الخير لنيل رضا الله سبحانه وتعالى.
مكانة الكعبة المشرفة
- تتمتع الكعبة المشرفة بمكانة عظيمة، فهي ليست فقط أول بيت وُضع للناس، بل لها مكانة روحية عظيمة حيث عظّمها الله تعالى بالصلاة.
- يتعبد المسلمون فيها من خلال القيام بمناسك الحج، كما تضم الحجر الأسود الذي أنزل من السماء، حيث ذُكر: (نزل الحجر الأسود من الجنة، وهو أشد بياضاً من اللبن، فسَوَدَتهُ خطايا بني آدم).
- علاوة على ذلك، تعتبر الكعبة من شعائر الله التي أمر بها عباده لتعظيمها كما جاء في قوله تعالى: (ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ).
- يحظر الشرك والكفر بالله، والإيمان به يمنح الإنسان السعادة في الحياة الدنيا التي تؤدي إلى الجنة.