لم يتناول القرآن الكريم تفاصيل دقيقة حول مواقع قبور الأنبياء، إلا أن بعض العلماء والمفسرين تمكنوا من تحديد عدة مواقع محتملة. في هذا المقال، سنستعرض مكان قبر النبي سليمان عليه السلام، نتناول قصة وفاته وبعض من إنجازاته الرائعة.
قبر سليمان عليه السلام
تضاربت الروايات حول مكان دفن النبي سليمان عليه السلام، حيث قيل إنه مدفون بالقرب من بحيرة طبريا بفلسطين، بينما تشير روايات أخرى أنه دفن بجانب والده النبي داود عليه السلام في بيت المقدس.
النبي سليمان عليه السلام
- بعد التعرف على مكان قبر النبي سليمان، يجدر بنا أن نتعرف على شخصيته ومنهجه.
- يعد النبي سليمان ابن سيدنا داود عليه السلام، وقد أرسله الله لهداية بني إسرائيل.
- تولى النبي سليمان الحكم كملك وقائد بعد وفاة أبيه داود، واشتهر بالعدل والحكمة والتراحم.
- تعلم سليمان أساليب القيادة من والده واستمر في تطبيقها خلال فترة حكمه، وتمتع بقدرات استثنائية وهبها الله له.
- كما إنه كان متمتعًا بتسخير الكثير من المخلوقات للقيام بأعماله، مثل الجن والرياح والنحاس.
- قال الله تعالى في القرآن الكريم:
- ”وَلِسُليْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ، وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ، وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ، وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ، يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجُفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ، اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ”.
- وهدى الله عز وجل سيدنا سليمان عليه السلام للحديث مع الطيور، ومنحه القدرة الفائقة على فهم لغات الحيوانات.
- تمكن سليمان من تكوين جيش عظيم من جميع الكائنات الحية، بما في ذلك الإنس والجن والجبال.
- تميز الله عز وجل سيدنا سليمان بقدرات غير عادية وملك عظيم لم يعط لغيره من الأنبياء والمرسلين.
قصة حكم داود وسليمان في الحرث
- أكرم الله سبحانه وتعالى سيدنا سليمان عليه السلام بالبصيرة والذكاء، وهبه القدرة على الحكم العادل بين الناس.
- وردت قصة تتعلق بأغنام راعٍ تسببت في فساد حرث شخص آخر، وناقش كل من سليمان ووالده داود هذه القضية، وكان حكم سليمان هو الأعدل.
- وقد ذكر الله هذا الحدث في القرآن الكريم حيث قال:
- “وَداودَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ، فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلٌّ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ”.
- فبينما كان أحدهما يحكي عن الضرر الذي تعرض له، حكم سيدنا داود لصالح صاحب الحرث. وعندما توافدت الشكوى إلى سليمان – الذي كان في ذلك الوقت في الحادية عشرة من عمره – قال:
- ”لو كان الحكم لي، لحكمت حكما مغايرا!.”
- مما يؤدي إلى استنتاج سليمان بأن على صاحب الحرث أن يأخذ أغنام جاره ليزرع بها حقلهم حتى يعود إلى حالته السابقة، ومن ثم يعيد الأغنام لصاحبها.
- حكم داود باقتناع لأن قرار سليمان لم يلحق الضرر بأي طرف.
مقام النبي سليمان
يتميز مقام النبي سليمان بموقعه غرب بلدة صرفا في لواء فقوع، على بُعد حوالي 45 كيلومترًا شمالي محافظة الكرك في الأردن. وهنا بعض التفاصيل عن المقام:
- الموقع: مقام يقع على منصة جبلية، مما يوفر مناظر جذابة وأهمية جغرافية.
- الهيكل: المبنى ذو شكل مربع، بمساحة 144 مترًا مربعًا، وأبعاد 12 مترًا في 12 متر.
- التوزيع الداخلي: القسم الجنوبي للمبنى يحتوي على ثلاث غرف، وتم تجهيز الغرفة الوسطى بمحراب ومصلى، مما يدل على استخدامه لأغراض دينية.
هل قبور الأنبياء معلومة بدقة؟
لا توجد معلومات دقيقة دائمًا حول قبور الأنبياء لأسباب متنوعة تشمل:
- الاختلافات التاريخية: ليست جميع قبور الأنبياء معروفة أو موثوقة تاريخيًا، وقد تكون بعض المواقع غير موثوقة أو تغيرت عبر الزمن.
- عدم الدقة في السرد: قد يتواجد عدة روايات حول مواقع قبور الأنبياء، ولكن ليس كل مرويات قابلة للتحقق.
- الاحتفاظ بالمواقع: بعض قبور الأنبياء تمت محافظتها على مر الزمن، بينما تعرض البعض الآخر لفقدان أو تدمير عبر الزمن أو من جراء الاحتلالات.
قد تكون الحكمة من عدم تحديد قبور الأنبياء هو حماية الناس من الوقوع في الشرك بالله، حيث قد يبدأ البعض بزيارتها والتوسل لأصحابها، وهذا يعدُّ شكلاً من أشكال الشرك، والله أعلم.
دروس مستفادة من سيرة سليمان عليه السلام
تظهر سيرة النبي سليمان عليه السلام جوانب مهمة في الإيمان والدين، وفيما يلي بعض الدروس التي يمكن استنتاجها:
الشكر على النعم
من ملامح حياة النبي سليمان عليه السلام:
- النعم العظيمة: منح الله النبي سليمان ملكًا عظيمًا، وقدرة على التواصل مع الطيور والجن، وسخر له الرياح والمطر، بالإضافة لحكمته وبلاغته.
- الشكر والاعتراف: على الرغم من كل تلك النعم، استمر سليمان في شكر الله وتواضعه في استخدام هذه النعم.
الدروس المستفادة:
- الاعتراف بالفضل: ينبغي علينا شكر الله على النعم التي ننعم بها، سواء كانت مادية أو معنوية.
- التواضع: يجب أن نستخدم نعم الله بتواضع ونفهم أنها من هبة الله لا من جهدنا فقط.
- الاستمرارية في الشكر: يجب أن نبذل جهدًا لشكر الله ليس فقط باللسان، بل أيضًا من خلال استخدام النعم في الخير.
الثبات على الدعوة
في حياة النبي سليمان عليه السلام:
- الالتزام بالدعوة: لم يقتصر سليمان على الحكم بل كان داعياً إلى الله، يدعو للتوحيد والعدالة.
- الاستمرارية في الدعوة: ظل سليمان عليه السلام ناشطًا في واجب الدعوة رغم التحديات والعوائق.
الدروس المستفادة:
- الصبر أثناء الدعوة: من الضروري أن نتسم بالصبر والإصرار عند الدعوة إلى الله، مهما كانت التحديات.
- الإخلاص والنية: يتطلب الثبات على الدعوة إخلاص النية لله، والعمل من أجل إرضائه.
- العدل في الدعوة: ينبغي أن تكون الدعوة قائمة على العدالة والرحمة، كما كان سليمان يعامل رعيته.
وفاة سليمان عليه السلام
عمره عند وفاته ومدته في الملك
يعتقد العلماء أن النبي سليمان توفي في سن 52 عامًا، بينما أفاد آخرون بأنها 53 عامًا، وقد توفي بعد 40 عامًا من توليه الملك، حيث تولى الحكم وهو في الثالثة عشرة من عمره.
قصة وفاة النبي سليمان
- عندما توفي سليمان عليه السلام، كان متكئًا على عصاه، وظلت عصاه ثابتة حتى علم أحد بموته حين جاءت دابة الأرض وبدأت تخترق العصا درجة بعد درجة، مما أدى لسقوطه على الأرض.
- قصته وردت في القرآن الكريم حيث قال تعالى: “فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ.”