السورة الأخيرة من السور المكية
تعددت آراء الفقهاء حول السورة الأخيرة التي نزلت في مكة. فقد ورد عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنها سورة العنكبوت، بينما أشار الضحاك وعطاء إلى أنها سورة المؤمنون. من جهته، قال مجاهد إنها سورة المطففين. لقد استند هذا الترتيب إلى ما تم توثيقه من قبل الثقات، حيث نُقل أنه آخر ما نُزل على النبي -عليه الصلاة والسلام- في مكة هو سورة العنكبوت، تلتها سورة المطففين.
بعض العلماء ذكروا أن سورة العنكبوت نزلت قبل سورة المطففين، لكن أجزاء من سورة العنكبوت فقط هي التي نزلت قبل اكتمال سورة المطففين. وبالتالي، يُعتبر أن آخر سورة كاملة نزلت في مكة هي سورة المطففين، بينما أجزاء من سورة العنكبوت تعد من آخر ما نزل من القرآن.
عدد السور المكية
تُقدّر السور المكية المتفق على مكيتها باثنتين وثمانين سورة، ومن بين هذه السور نذكر سورة الفيل، وقريش، والأعلى، وهود، والفرقان، والإسراء، وغيرها.
خصائص السور المكية
تحمل السور المكية مجموعة من الخصائص التي نعرضها كالتالي:
- تدعو إلى أركان الإيمان مثل الإيمان بالله، والبعث، والحساب، والإيمان بالرسل والملائكة، وقدمت أدلة قاطعة على ذلك من مختلف الجوانب، سواء كانت عقلية أو نفسية أو كونية، وهو ما يتناسب مع طبيعة حياة المشركين الذين ينكرون هذه المفاهيم.
- إقامة الحجة على المشركين وبيان بطلان عبادتهم للأصنام، والتأكيد على عدم جدواها، كما دعت إلى استخدام العقل وتجنّب التقليد الأعمى، كما ورد في قوله -تعالى-: (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ)، مع تقديم أدلة تؤكد أن القرآن حق لا ريب فيه.
- دعوة إلى المبادئ العامة للتشريع والأخلاق والفضائل الثابتة التي لا تتغير بتغير الزمان أو المكان، والتي تشمل الكليات الخمس، إضافة إلى الحث على الصلاة والصدقة وصلة الرحم، وتحريم القتل ووأد البنات، وأكل أموال الناس بالباطل.
- تُبرز قصص الأنبياء وقومهم لتكون عبرة وموعظة، وتسلية للنبي -عليه الصلاة والسلام- وصحابته في مواجهة الأذى، مع توضيح أن دعوة الأنبياء واحدة.
- تتميز بقصر سورها وآياتها، مما يتناسب مع بلاغة وفصاحة أهل مكة، لتكون تحديًا وإعجازًا لهم.
- تستخدم أساليب التأكيد ووسائل التقرير وترسيخ المعاني مثل الأقسام وتقديم الأمثلة وتكرار بعض الآيات؛ وكثرتها تتجلى في مشاهد يوم القيامة مع قوة تعبيرها وتناغم تنظيم آياتها.
أهمية العلم بالسور المكية والمدنية
توجد فوائد عديدة يمكن الاستفادة منها عند التمييز بين القرآن المكي والمدني، ومن أبرز هذه الفوائد:
- المعرفة بالنّاسخ والمنسوخ، إذ يأتي النزول المدني بعد المكي.
- الفهم الأفضل للتشريع وتاريخه، ومعرفة الحكمة لسنة الله في التدرج ببعض الفروع والأحكام.
- التعرف على الخصائص البلاغية لكل من القرآن المكي والمدني.
- المساعدة في تفسير القرآن، حيث يعد مكان النزول من العناصر الهامة لفهم الآيات وظروف نزولها وتفسيرها، بالإضافة إلى دراسة السيرة النبوية من خلال الآيات القرآنية.
- إدراك أساليب الدعوة وطرقها للاستفادة منها في الوقت الحاضر.
- الإيمان بصدق القرآن ووصوله إلينا دون تحريف أو تغيير.