إنَّ المؤمنين يجب أن يحملوا في قلوبهم دائمًا قناعة “إن بعد العسر يسر”. لنثق بأن جميع التحديات والمصاعب التي نواجهها ستنتهي، لتبدلها بفرج ورخاء، وهذا يعد وعدًا من الله لعباده كما ورد في سورة الشرح، وهو ما سنناقشه في هذا المقال.
إن بعد العسر يسر
- قال الله تعالى في سورة الشرح: “فإن مع العسر يسرا * إن مع العسر يسرا”.
- إن تكرار هذه العبارة إنما هو بمثابة تأكيد على أن اليسر يأتي بعد العسر.
- لذا، يجب أن يتذكر كل مؤمن ألا يفقد الأمل في رحمة الله ويثق بها تمامًا.
- مهما كانت الضغوط التي نواجهها، فإنها ستأتي عليها لحظة وتنتهي، وسيتبعها يسر وفرج.
- الأمر هنا يتعلق بالصبر والتسليم بما كتب علينا من بلاء وتجارب، كما قال الله تعالى: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون”.
- هؤلاء هم الذين يرزقهم الله بركات ورحمة، وهم المهتدون.
- لذا، يجب علينا أن نكون على يقين بأن أي محنة سنواجهها ستنتهي مهما طالت الأيام، لأن اليسر دائمًا يكون ملازمًا للشدة.
تفسير آية إن مع العسر يسر
- يعد هذا الوعد بشارة من الله لعباده المؤمنين بأن العسر يتبعه يسر، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: “وإن الفرج مع الكرب”.
- واعتبر العلماء أن كلمة “العسر” جاءت معرفة، مما يعني أن العسر واحد.
- بينما كلمة “يسر” جاءت نكرة، مما يدل على أن اليسر يختلف في كل مرة.
- كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “نزلت المعونة من السماء على قدر المؤونة، ونزل الصبر على قدر المصيبة”.
- فقد تم تفسير هذا الحديث بأن العسر مصاحب لليسر، حتى في أقصى درجات الصعوبة.
- وقد أخبر الله تعالى النبي محمد صلى الله عليه وسلم بأن المعاناة مع المشركين ستنتهي.
- وسينتشر اليسر والرخاء، وقد كرر الله تعالى عبارة “إن مع العسر يسر” تأكيدًا لهذا الوعد.
- عند نزول هذه الآية، احتفل النبي صلى الله عليه وسلم بها قائلًا: “لن يغلب عسر يسرين”.
- فسر القرطبي قوله تعالى “إن مع العسر يسرا” بأنه يُشير إلى الغنى الذي سيمنح للرسول.
- فلقد كان الكفار يسخرون منه لفقره، فوعده الله بالفرج واليسر.
- وبالفعل، حصل النبي على ثروة كبيرة بعد أن آمنت به العديد من القبائل.
- أما اليسر الآخر الذي تم ذكره في تكرار الآية، فهو يسرٌ يتوجه لجميع المؤمنين، ولكن يسرُ في الآخرة.
- أي أن أي عسر يواجهونه في الحياة الدنيا سيكون مضادًا له يسر في الآخرة.
- وربما يحصل أهل الإيمان على اليسر في الدنيا والآخرة معًا.
بعد العسر يأتي اليسر
- قد أكد الله تعالى لنا أنه مهما كان العسر شديدًا، فإن اليسر سيكون معه.
- أوضح المفسرون أن عادة العرب تُشير إلى إذا ذُكر اسمٌ بصيغة التعريف وتم تكراره، فإن الثاني هو نفس الأول،
- أما إذا تم ذكر الاسم بصيغة نكرة مرتين، يكون لكل منهما مدلوله الخاص.
- على سبيل المثال: “إذا كسبت جنيهًا، أنفقت جنيهًا”. في هذا المثال، الجنيه الثاني غير الأول، مما يعني أن هناك جنيهين.
- لكن إذا كنت قد قلت: “إذا كسبت جنيهًا، فأنفق الجنيه”، فإن الجنيهين هنا هما ذات الشيء.
- لذا عندما قال الله تعالى: “إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا”، فإنه أشار إلى أن العسر واحد لأنه تم ذكره معرفة.
- أما اليسر فهو يسرين لأنه تم ذكره نكرة.
تجربتي مع إن مع العسر يسر
- أخبرتنا إحدى السيدات عن تجربتها مع آية “إن مع العسر يسرا”، حيث كانت تواجه تأخيرًا في الزواج.
- بدأت تشعر بالضيق لكنها كانت مؤمنة أن الزواج رزق من الله سبحانه وتعالى.
- بدأت في ترديد آية “إن مع العسر يسرا” بشكل يومي، وقامت بقراءة سورة الشرح حوالي 100 مرة كل يوم.
- كانت واثقة بأن الله سيفرج همها ويرزقها الزوج الصالح.
- ظلت تدعو الله كثيرًا، مختتمةً أدعيتها أن يرزقها زوجًا يتقي الله ويكون خيرًا لها.
- وبالفعل، يسر الله لها زواجها واستجاب لدعائها ومنحها الزوج الذي تمنت.
فوائد آية إن مع العسر يسر
- لا شك أن كل آية في القرآن تمتاز بفوائد جليلة، بالإضافة إلى الثواب الذي يناله القارئ. ومن فوائد آية “إن مع العسر يسرا”:
- تبعث في النفس الثقة بأن الله سيُفرج الهموم ويُشعر القلب بالسكينة.
- توفير الأمان النفسي والراحة بفضل الثقة بأن الكرب سيتلاشى.
- تجلب الاطمئنان نتيجة الرضا والقناعة.
- تجعل الفرد يشعر بمعية الله ورعايته.
- ختامًا، ينبغي علينا أن نحمد الله تعالى لأنه يجعل بعد العسر يسرًا، وبعد الشدة فرجًا.