إعراب فعل الأمر للمخاطبة يعتبر أحد جوانب اللغة العربية الغنية والمميزة. فلطالما كانت اللغة العربية محصنة ضد الزمن، فهي أقدم لغات العالم الحية التي استمرت في الازدهار حتى اليوم. رغم وجود العديد من اللهجات في الدول الناطقة بها، تبقى اللغة الفصحى الأداة الجامعة لهذه الشعوب.
تُعد اللغة العربية ثاني لغة عالمية من حيث عدد المتحدثين بها، حيث يتجاوز عدد الدول الناطقة بالعربية ستين دولة، مع ازدياد أعداد المتعلمين سنويًا.
الفعل في اللغة العربية
- تتألف اللغة العربية من ثلاثة أقسام أساسية: اسم، وفعل، وحرف. يتمحور الاسم حول دلالة شيء معين دون وجود زمن، بينما يحدد الفعل زمن الحدث. أما الحروف فهي تتقسم إلى عدة أنواع، وسنركز في هذا المقال على الفعل، وخاصة فعل الأمر.
- يمكن التمييز بين الفعل والاسم باستخدام “ال” التعريفية، حيث لا يمكن استخدامها مع الفعل دون تغيير المعنى، كما هو الحال في “ذهب” التي تصبح “الذهب” مما يفيد أنه اسم وليس فعلاً.
تقسيم الفعل وفقًا للزمن
-
الفعل المضارع: هو فعل يدل على حدث مستمر أو متجدد، مثل (يأكل، يشرب، يلعب، يدرس).
- يتضح أن الفعل المضارع يبدأ بحروف خاصة يمكن تلخيصها في الكلمة “نأتي”، أي أن كل فعل مضارع يبدأ بأحد الحروف (ن، ت، ي، أ).
- يُعرَب الفعل المضارع بالضمة، مما يعني أنه مرفوع وعلامة رفعه الضمة. ولكن إذا جاء قبله حرف نصب (مثل: أن، لكي، حتى، ل التعليل)، يتم إعرابه على أنه منصوب وعلامة نصبه الفتحة. كما يمكن أن يسبقه حرف جزم (مثل: لم، لا الناهية) ليصبح مجزومًا وعلامة جزمه السكون. الأفعال الخمسة أيضاً مضارعة وتُعرَب بناءً على حذف أو ثبوت النون.
- الفعل الماضي: هو الفعل الذي يشير إلى حدث وقع وانتهى، ويُعرَب على أنه فعل ماضٍ مبني على الفتح إذا كان مفردًا أو متصلاً بتاء التأنيث الساكنة، مثلاً: شرب، شربت.
- فعل الأمر: هو ما نناقشه في هذا المقال، ويأتي بصيغة الأمر، مثل: أشرب، ألعب.
يكون مبنيًا على السكون إذا كان الفعل صحيحًا، أو على حذف حرف العلة إذا كان معتلًا.
الإفعال حسب اللزوم والتعدي
- الفعل اللازم: هو ذلك الذي يتحقق معناه بدون الحاجة إلى مفعول به، كقولنا: “لعبت الفتاة مع القطة”.
- الفعل المتعدي: يحتاج لمفعول به لإتمام المعنى، وأحيانًا يتعدى إلى مفعولين.
فعل الأمر
فعل الأمر هو كل فعل يشير إلى القيام بشيء معين، مثل:
- أمضغ طعامك جيدًا.
- تمهل في السير.
- نم مبكرًا.
- نظف غرفتك.
- أطعم قطك.
- ذاكر دروسك.
إعراب فعل الأمر
عادةً ما يبنى فعل الأمر، وسنقدم بعض الأمثلة لتوضيح ذلك:
- البناء على حذف النون: يُبني فعل الأمر على حذف النون إذا اتصل بألف المثنى، أو واو الجماعة، أو ياء المخاطبة، كما في: اجتهدا، واجتهدوا، واجتهدي.
- البناء على الفتح: يُبنى على الفتح إذا اتصل بنون التوكيد، كمثال: انهضَنَّ، ادرسَنَّ.
- مبني على حذف حرف العلة: يُبنى على حذف حرف العلة إذا انتهى الفعل بحرف علة، مثل: اخشَ، وادعُ، واقضِ.
- بناء فعل الأمر على السكون: يُبنى على السكون إذا كان صحيح الآخر ولم يتصل به حرف علة، مثل: اجلس.
كما يبنى على السكون في حال اتصاله بنون النسوة مباشرة، مثل: اجلِسْنَ، واذهَبْنَ، واكتبْنَ.
معاني أخرى لفعل الأمر
هناك أيضًا معاني مجازية لفعل الأمر بخلاف الغرض الأساسي، وأشهر هذه المعاني تُضمن:
- الدعاء.
- الإباحة.
- النصح والإرشاد.
- التهديد.
- الاحتقار.
- الإكرام.
- الامتنان.
- التسوية.
- الإهانة.
ياء المخاطبة وفعل الأمر
تستخدم ياء المخاطبة فقط مع فعل الأمر والفعل المضارع، ويُعرَبان كأفعال خمسة، حيث تعرب كضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
إذا اتصلت ياء المخاطبة بفعل الأمر، يُعرَب الفعل على أنه مبني على حذف النون. وتُعرَب الياء كضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل. مثل: أشترِ كتابًا (وهو فعل أمر للمؤنث).
“أشترِ” تُعرَب كفعل أمر مبني على حذف النون، والياء تُعتبر ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل.
الأفعال الخمسة
الأفعال الخمسة تشمل أي فعل مضارع يتصل بأحد هذه الضمائر:
- ألف الاثنين: وهو ضمير المثنى، مثل: يفهمان، وتفهمان.
- واو الجماعة: وهو ضمير الجمع، مثل: يفهمون، وتفهمون.
- ياء المخاطبة: كما ذُكر سابقًا، مثل: تفهمين.
لماذا سُمِّيت الأفعال الخمسة؟
- حيث إذا اتصل الفعل المضارع بألف الاثنين (يفعلان) أو بالمثنى (تفعلان).
- وعند اتصاله بواو الجماعة، يكون إما جمع غائب (يفعلون) أو جمع حاضر (تفعلون).
- وبالاتصال بياء المخاطبة، يشير فقط إلى المخاطبة الواحدة (تفعلين).
- وعند عد هذه الأمثلة، يتضح أن هناك خمسة، لذا سُميت بالأفعال الخمسة.
إعراب الأفعال الخمسة
الأفعال الخمسة تُرفع بثبوت النون، بدلاً من الضمة، ويُعرب نصبها أو جزمها بحذف النون. مثال توضيحي:
قال تعالى: “وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ” (النحل: 19).
الأفعال الخمسة في المثال هي: تسرون، تعلنون.
ويتم إعرابها على أنها: مضارع مرفوع بثبوت النون، ويتم إعراب الواو فاعل.
قال تعالى: “لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حتى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ” (آل عمران: 92).
الأفعال الخمسة هنا هي: تنالوا، تنفقوا.
ويُعرَب الفعل على أنه: فعل مضارع منصوب بحذف النون، والواو ضمير مبني في محل رفع فاعل.
وذلك لأن دخول “حتى” و”لن” على الفعل يضعه في موضع نصب.
قال تعالى: “وَإِن تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا” (النساء: 129).
الأفعال الخمسة في المثال هي: تصلحوا، وتتقوا.
ويُعرَب على أنه: فعل مضارع مجزوم بحذف النون والواو فاعل، حيث سبق بحرف جازم وهو “إن”.