شهدت الأدبيات العربية العديد من الأقوال وبيوت الشعر المتعلقة بفكرة الإحسان، من بينها ما قاله الشاعر أبو الفتح البستي، والذي نعرضه من خلال موقع مقال
maqall.net
.
يعتبر الإحسان من المبادئ الأساسية التي تضمنها الدين الإسلامي، حيث ينبغي على الأفراد القيام بجميع أعمالهم طمعًا في رضا الله سبحانه وتعالى، مما يساهم في قبول تلك الأعمال ونيل الثواب. في هذا المقال، سنستعرض قصيدة “أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم”.
قصيدة أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم
تتضمن مقولة “أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم” العديد من المعاني العميقة في قصيدة الشاعر أبو الفتح البستي، وتظهر في الأبيات التالية:
أحسن إلى الناس تَستعبد قلوبَهم .. فطالما استبعد الإنسان إحسان.
وإن أساء مسيء فلْيكن لك في .. عروض زلته صفح وغفران.
وكن على الدهر معواناً لذي أملٍ .. يرجو نداك فإن الحر معوان.
واشدد يديك بحبل الدين معتصماً .. فإنه الركن إن خانتك أركان.
من يتق الله يحمد في عواقبه .. ويكفيه شر من عزوا ومن هانوا.
من استعان بغير الله في طلب .. فإن ناصره عجز وخذلان.
من كان للخير مناعاً فليس له .. على الحقيقة إخوان وأخدان.
من جاد بالمال مال الناس قاطبةٌ .. إليه والمال للإنسان فتال.
من سالم الناس يسلم من غوائلهم .. وعاش وهو قَرِير العين جَذلان.
من كان للعقل سلطان عليه غدا .. وما على نفسه للتحصين سلطان.
من مد طرفاً بفَرط الجهل نحو هوى .. أغضى على الحق يوماً وهو خزياً.
من عاشر الناس لاقى منهم نصباً .. لأن سوسهم بغي وعدوان.
ومن يفتش عن الإخوان يقلهم .. فجل إخوة هذا العصر خوان.
من استشار صروف الدهر قام له .. على حقيقة طبع برهان.
من يزرع الشر يحصد في عواقبه .. ندامة ولحصاد الزرع إبان.
من استنام إلى الأشرار نام وفي .. قميصه منهم صل وثعبان.
كن رقيق البشّر إن الحر همته .. صحيفة وعليها البشّر عنوان.
ورافق الرفق في كل الأمور فلم .. يندم رفيق ولم يذمه إنسان.
مؤلف قصيدة “أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم”
مؤلف هذه القصيدة هو علي بن محمد بن الحسين بن يوسف البستي، أديب وشاعر وواحد من فقهاء المذهب الشافعي، ويعد من أبرز أعلام العصر العباسي. اكتسب شهرة واسعة في مجالات الشعر والأدب، واستخدم اللغتين العربية والفارسية في إبداعاته، مما ساعد في شهرة اسمه. فيما يلي بعض المعلومات عن حياته:
- وُلِد في مدينة بست بأفغانستان عام 330 هـ.
- ينتمي إلى أصول عربية، حيث يعود نسبه إلى عبد شمس، وأعمامه من بني هاشم، وأخواله من بني عبد المدان.
- عمل في بداية حياته كمعلم في مدينته، ثم عُيّن كاتبًا للأمير باتيور حتى استولى القائد سبكتكين التركي على المدينة.
- رحل أبو الفتح من مدينته إلى الرخج وواصل حياته هناك حتى استقدمه الأمير الغزنوي سبكتكين للعمل معه حتى تولى ابنه محمود الحكم.
- حقق مكانة رفيعة بين أقرانه بفضل أسلوبه الفريد في التجنيس والتأسيس الأنيق للشعر والنثر.
- اشتهر باختيار المفردات التي تحمل الزينة والأسلوب الفني المحسن، مما أعطى نتيجة رائعة في شعره ونثره.
- تعددت أغراضه الشعرية، فتناول المدح، والعزل، والذم، والهجاء، والشكوى، والعتاب، والكبر، والشيب، والإخوانيات، والأدب، بالإضافة إلى الأمثال، والمواعظ، والحكمة، والنوادر.
- توفي عام 400 هـ في منفاه بمدينة أوزجند في بخارى، وقد أُشيع عنه بعد عامين أنه توفي غريبًا وحيدًا بعيدًا عن وطنه.