شعر الحب
يتميز شعر الحب عن باقي أنواع الشعر الأخرى؛ فهو الأكثر قربًا إلى القلب، والأشد تعبيرًا عن المشاعر، خاصة عند المحبين، حيث يشعرون بعواطفهم بعنف، ويجدون صعوبة في الإفصاح عما يجول في خواطرهم. لذا، يأتي الشعر الغزلي ليكون تعبيرًا عما يحسّون به، وقد برز الشعر العربي الغزلي بكثرة أنواعه، التي تنسجم مع مشاعرهم المتباينة؛ فلا يخلو شاعر من أن يمسه الحب في قلبه.
أبيات من الشعر الحديث عن الحب
قصيدة رسالة حب صغيرة
يعتبر نزار قباني شاعراً ودبلوماسيّاً سورياً معاصرًا، إذ صدر أول ديوان له عام 1944م بعنوان (قالت لي السمراء). وقد كتب 35 ديواناً على مدار نصف قرن، ووصفه النقاد بأنه مدرسة شعرية فريدة. من أبرز أعماله قصيدة (رسالة حب صغيرة)، التي تُعد من أجمل القصائد التي أُلفت في الحب في العصر الحديث. ومن أبياتها:
حبيبتي، لديّ الكثير ليقوله
من أين أبدأ، يا غالية؟
كل ما فيك أمير.. أمير
أنتِ، التي تجعلين حروفي
كأنها حرير
هذه هي أغانياً، وهذا أنا
في هذا الكتاب الصغير
غدًا، إذا قلبتِ صفحاته
واشتاق المصباح وغنى السرير..
وقامت بالأشواق حروفٌ
وشكت الفواصل من الرحيل
فلا تقولي: يا لهذا الفتى
أخبر عني الميل والغدير
تسير بي الدنيا، حين تسيرين
وما قيل قيل، فليس هناك نجمة
إلا وعليكِ عبيري عطرها
غدًا، يراني الناس في شعره
فأحدث لك شعرًا قصيرًا ونبيذيًّا
دعي أحاديث الناس.. لن تصبحين
كبيرة إلا بحبي الكبير
ماذا ستصير الأرض لو لم نكن
لو لم تكن عيناك.. ماذا ستصبحين؟
قصيدة مضناك جفاه مرقده
يعتبر أحمد شوقي شاعرًا مصريًا ولقب بأمير الشعراء. كتب ديوانًا ضخمًا بعنوان (الشوقيات) الذي يتضمن أربعة أجزاء. وتُعد قصيدة (مضناك جفاه مرقده) من أجمل القصائد التي تعبر عن والحزن المختلط بالحب، ومن أبياتها:
مضناك جفاه مرقده
وبكاه ورحّم عوده
حيران القلب معذّبه
مقروح الجفن مسهّده
أودى حرفاً إلا رمقاً
يبقيه عليك وتنقده
يستهوي الورق تأوهه
ويذيب الصخر تنهده
ويناجي النجم ويتعبه
ويقيم الليل ويقعده
ويعلم كل مطوّقةٍ
شجناً في الدوح تردده
كم مدّ لطيفك من شركٍ
وتأدّب لا يتصيدنه
فعساك بغضٍ مسعفه
ولعلّ خيالك مسعده
الحسن حلفتُ بيُوسفِهِ
والسورة إنّك مفرّده
قد ود جمالك أو قبساً
حوراء الخلد وأمردة
وتمنت كل مقطعةٍ
يدها لو تبعث تشهده
جحدت عيناك زكي دمي
أكذلك خدك يجحده؟
قد عز شهودي إذ رمته
فأشرت لخدك أشهده
وهممت بجيدك أشركه
فأبى، واستكبر أصيده
وهزّزت قوامك أعطفه
فنبى، وتمنع أملده
سبب لرضاك أمهده
ما بال الخصر يعقده؟
بيني في الحب وبينك ما
لا يقدر واشٍ يفسده
ما بال العاذل يفتح لي
باب السلوى وأوصده؟
ويقول: تكاد تجن به
فأقول: وأوشك أعبده
مولاي وروحي في يده
قد ضيعتها سلمت يده
ناقوس القلب يدق له
وحنايا الأضلع معبدة
قسماً بثنايا لؤلؤها
قسم اليواقيت منضده
ورضاب يوعد كوثرهُ
مقتول العشق ومشهدة
وبخال كاد يحج له
لو كان يقبل أسوده
وقوام يروي الغصن له
نسباً والرّمح يفنّده
وبخصر أُوهِن من جلدي
وعوادِ الهجر تبدده
ما خنت هواك، ولا خطرت
سلوى بالقلب تبرده
قصيدة بعد العاصفة
تعتبر (قصيدة بعد العاصفة) لنزار قباني من أروع قصائد الحب، حيث يوضح فيها مشاعره تجاه محبوبته مهما كانت الظروف ومهما كان ماضيه:
أتحبني بعد الذي كانا؟
إني أحبكِ رغم ما كانا
ماضيك لا أنوي إثارة
حسبي أنك ها هنا الآن
تتبتسمين وتمسكين يدي
فيعود شكّي فيكي إيماناً
عن أمسِ.. لا تتكلمي أبدًا
وتألقي شعرًا وأجفانا
أخطاؤكِ الصغرى.. أمرر بها
وأحوّل الأشواك ريحانا
لولا المحبة في جوانحه
ما أصبح الإنسان إنساناً
عام مضى. وبقيت غالية
لا هنتِ أنتِ ولا الهوى هانا
إني أحبكِ… كيف يمكنني؟
أن أشعل التاريخ نيرانا
وبه معابدنا، جرائدنا
أقداح قهوتنا، زوايانا
كنا طفلين في تصرفنا
وغرورنا، وضلال دعوانا
كلماتنا الرعناء.. مضحكة
ما كان أغباها وأغبانا
فلقد ذهبت وأنت غاضبة
ولقد قسوتُ عليك أحيانًا
وربما انقطعت رسائلنا
وربما انقطعت هدايانا
مهما غلونا في عداوتنا
فالحب أكبر من خطايانا
عيناك نيسانان، كيف أنا
أغتال في عينيك نيسانا؟
قدر علينا أن نكون معًا
يا حلوتي رغم الذي كانا
إن الحديقة لا خيار لها
إن أطلعت ورقًا وأغصانا
هذا الهوى ضوء بداخلنا
ورفيقنا ورفيق نجوانا
أحزاننا منه ونسأله
لو زادنا دمعًا وأحزانًا
هاتي يديك، فأنت زنبقتي
وحبيبتي رغم الذي كانا
أبيات من الشعر الجاهلي عن الحب
هناك العديد من القصائد الشعرية التي نظمت في الحب وعتاب الأحبة، والحزن المختلط بالحب. وفيما يلي بعض منها:
قصيدة أعاذلتي ألا لا تعذليني
يعد السموأل بن غريض بن عادياء بن رفاعة بن الحارث الأزدي شاعراً من العصر الجاهلي، وهو واحد من أشهر الشعراء في عصره، عُرف عنه وفاؤه بالعهد. نظم السموأل قصيدته (أعاذلتي ألا لا تعذليني) حيث يخاطب عاذلته قائلاً:
أعاذلتي ألا لا تعذليني
فكم من أمر عاذلة عصيتُ
دعييني وارشدي إن كنت أغوى
ولا تغوي كما زعمتِ غويتُ
أعاذل قد أطلت اللوم حتى
لو أني منتهٍ لقد انتهيت
وصفراء المعاصم قد دعتني
إلى وصل فقلت لها أبيتُ
وزق قد جررت إلى الندامى
وزق قد شربت وقد سقيت
وحتى لو يكون فتى أناسٍ
بكى من عذل عاذلة بكيتُ
ألا يا بيت بالعلياء بيتُ
ولولا حب أهلك ما أتيتُ
ألا يا بيت أهلك أوعدوني
كأني كل ذنبهم جنيت
إذا ما فاتني لحم غريض
ضربت ذراع بكري فاشتويتُ
أتاني طيف عبلة في المنام
أحب عنترة عبلة ابنة عمه بعمق، إذ كانت من أجمل فتيات قومها، وتقدم لخطبتها، لكن والدها رفض أن يزوجها من رجل أسود، وطالبه مهراً كبيرًا حتى يعجزه. خرج عنترة ليجمع المهر رغم تكبد العديد من المخاطر. على الرغم من ذلك، لا يزال الأمر غامضًا حول زواجه منها. يقول عنترة واصفًا طيف عبلة الذي أتاه في المنام:
أتاني طيف عبلة في المنام
فقبّلني ثلاثًا في اللثام
وودّعني فأودعني لهيبًا
أستره ويشعل في عظامي
ولو أنني أخلو بنفسي
وأطفئ بالدموع جوى غرامي
لمت أسى وكم أشكو لأني
وأطفئ بالدموع جوى غرامي
أيا ابنة مالك كيف التسلّي
وعهد هواك من عهد الفطام
وكيف أروم منك القرب يومًا
وحول خباك أساد الإجام
وحقّ هواك لا داويتُ قلبي
بغير الصبر يا بنت الكرام
إلى أن أرتقي درج المعالي
بطعن الرمح أو ضرب الحسام
أنا العبد الذي خبرتِ عنه
رعيتُ جمال قومك من فطامي
أروح من الصباح إلى مغيبٍ
وأرقُد بين أطواب الخيام
أذلّ لعبلةٍ من فرط وجدي
وأجعلها من الدنيا اهتمامي
وأمتثل الأوامر من أبيها
وقد ملك الهوى مني زمامي
رضيت بحبها طوعًا وكُرْهًا
فهل أحظى بها قبل الحمام
وإن عابت سوادي فهو فخري
لأني فارس من نسل حام
ولي قلب أشد من الرواسي
وذِكري مثل عرف المسك نامي
ومن عجبي أصيد الأسود قهرًا
وأفترس الضواري كالهوان
وتقنصني ظبا السعدي وتسطو
علي مها الشرِبة والخزام
لعمر أبيك لا أسلو هواها
ولو طحنت محبّتها عظامي
عليكِ أيا عبيلة كل يومٍ
سلامٌ في سلامٍ في سلامٍ
قصيدة قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
امرؤ القيس يعد من أشهر شعراء العرب الجاهليين من قبيلة كندة. لقبه “الملك الضليل” و”ذو القروح”. وقد وصف في قصيدته “قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل” ما حل به من فراق من يحب. ومن أبياتها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل
بسقط اللوى بين الدخول فحومل
فتوضح فالمقراة لم يعفُ رسمها
لما نسجتها من جنوب وشمل
ترى بعر الأرآم في عروسها
وقيعانها كأنه حب فلفل
كأني غداة البين يوم تحمّلوا
لدى سمريات الحي ناقف حنظل
ووقوفاً بها صحبي عليّ مطيّتهم
يقولون لا تهلك أسى وتجمّل
وإن شفائي عبرة مهراقة
فهل عند رسم دارس من معوّل؟
كدأبك من أم الحويرث قبلها
وجارتها أم الرباب بمأسل
فاضت دمع العين منّي صبابةً
على النحر حتى بل دموعي محملي
ألا رب يوم لك منهن صالح
ولا سيما يوم بدارة جلجل
ويوم عقرت للعذارى مطيّتي
فيا عجبًا من كورها المتحمل
فظل العذارى يرتمين بلحمها
وشحم كهداب الدمقس المفتل
ويوم دخلت الخدر خدر عنيزة
فقالت لك الويلات إنك مرجلي
تقول وقد مال الغبيط بنا معًا
عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ
فقُلتُ لها سيري وأرخي زمامه
ولا تُبعديني من جناك المعلل
فمثلِك حبلى قد طرقتم مرضعٍ
فألهيتها عن ذي تمائم محول
إذا ما بكى من خلفها انصرفت لهُ
بشِقٍ وتحتي شقها لم يُحَوّلِ
ويومًا على ظهر الكثيب تعذرت
عليّ وآلت حلفًا لم تحللِ
أفاطم مهلاً بعض هذا التدلل
وإن كنت قد أزمعت صرمي فاجملي
وإن تك قد ساءتك مني خَليقَة
فسلّي ثيابي من ثيابك تَنصُلِ
أغراكِ مني أن حبك قاتلي
وأنك مهما تأمري القلب يفعل
وما ذرَفت عينيكِ إلا لتضربي
بسهميكِ في أعشار قلب مقتّلِ
وبيضة خدر لا يُرامُ خباؤها
تمتعتُ من لهوٍ بها غير مُعجلِ
تجاوزتُ أحراسًا إليّ ومجمعًا
عليّ حراسًا لو يُسرّون مقتلي
إذا ما الثريا في السماء تعرضت
تعرض أثناء الوشاح المفصَّلِ
فجئْتُ وقد نضّت لنومٍ ثيابَها
لدى السّتر إلاّ لبسة المتفضل
فقالت يمين الله ما لك حيلة
وما إن أرى عنك الغواية تنجلي
خرجتُ بها أمشي تجرّ ورائنا
على أثرين ذيل مرط مقلل
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى
بنا بطنُ خبتٍ ذي حقافٍ عقنقل
هصرتُ بفودي رأسها فتمايلت
عليّ هضيم الكشح ريا المُخلخل
إذا التفتت نحوّي تضوّع ريحها
نسيم الصبا جاءَت برَيّا القرنفل
مهفهفة بيضاء غير مفضلة
ترائبها مصقولة كالسجنجل
كبكر المقناة البيض بصفر
غذاؤها نمير الماء غير المحلل
تصد وتبدي عن أسيل وتتقي
بناظرة من وحش وجرة مطفلة
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحش
إذا هي نصّت ولا بمعطل
وفرع يزين المتن أسود فاحم
أثيث كقنو النخلة المتعثر
غدائرها مستشزرات إلى العلا
تضل العقاص في مثنى ومرسل
وكشح لطيف كجديل مخصر
وساق كأنبوب السقي المذلل
فيديو عن درجات الحب
شاهد الفيديو لتعرف ما هي درجات الحب: