يسأل العديد من المهتمين بعلم الاجتماع عن نشأة ابن خلدون ومكان ولادته، بالإضافة إلى الكثير من التفاصيل المتعلقة به. من خلال هذا المقال، سنقوم بالإجابة عن جميع تلك التساؤلات، فتابعوا معنا.
أين وُلِدَ ابن خلدون؟
وُلد ابن خلدون في مدينة تونس، في شهر رمضان لعام 732 هـ.
نشأة ابن خلدون
- بعد معرفتنا بمكان ولادته، سنُسلط الضوء على نشأته.
- كانت الفترة التي وُلِد فيها ابن خلدون تمتاز بجو علمي وفير، حيث انتشر الأدب والعلم بشكل واسع.
- تمكن ابن خلدون من اكتساب الفنون الأدبية من والده، وقد التحق بالمجالس العلمية.
- حضر العديد من تلك المجالس مجموعة من العلماء البارزين، من بينهم محمد بن عبد السلام، المعروف بلقب قاضي القضاة، والرئيس أبو محمد الحضرمي، والعلامة الآبلي.
- عندما بلغ ابن خلدون العشرين من عمره، كان قد جمع بين العلم والأدب، واشتهر بعبقريته.
- استدعاه أبو محمد بن تافراكين ليعمل في البلاط الملكي، حيث كلفه بكتابة علامة للسلطان أبي إسحاق بعنوان “الحمد لله والشكر لله”. ومن هنا بدأ ابن خلدون مسيرته السياسية.
الحياة السياسية لابن خلدون
لم تقتصر الأنشطة السياسية لابن خلدون على تونس فحسب، بل شملت عدة دول، كما يتضح فيما يلي:
ابن خلدون في تونس
- عقب بدء عمله ككاتب، رافق ابن خلدون السلطان أبي إسحاق في حملة لمحاربة الأمير أبي زيد، صاحب قسنطينة.
- انتهت المعركة بهزيمة جيش السلطان، مما دفع بابن خلدون إلى مغادرة تونس متوجهًا إلى المغرب.
- استقبل السلطان أبو عنان، حاكم تلمسان، ابن خلدون بحفاوة وعده بالحماية، واستضافه في المجالس العلمية.
ابن خلدون في المغرب
تولى ابن خلدون العديد من المناصب خلال فترة وجوده في المغرب، ومن أبرزها:
كتابة علامة السلطان أبي عنان في عام 775 هـ
- طلب السلطان أبو عنان من ابن خلدون كتابة علامة لأنه كان يجالس أهل العلم في المجالس العلمية.
- لكن لم يدُم هذا المنصب طويلًا؛ حيث سُجن ابن خلدون عام 756 هـ بعد اتهامه بمساعدة الأمير محمد في استرجاع الملك.
- قضى نحو عامين في السجن حتى قام بكتابة قصيدة استعطاف للسلطان، والذي وعده بإخراجه من السجن، لكن السلطان توفي قبل تنفيذ وعده.
الكتابة عن السلطان أبي سالم عام 760 هـ
- بعد أن ساعد ابن خلدون السلطان أبو سالم في استرداد الملك، طلب منه كتابة عنه “في السر والإنشاء” تقديرًا لبلاغته وشهادته العلمية.
- كان معتقدًا بمهارته في الكتابة، بالإضافة إلى إتقانه الشعر وفنون الخطابة.
خطة المظالم
طلب السلطان أبو سالم من ابن خلدون وضع “خطة المظالم” لأهداف عدة، منها:
- أن تُطبَّق بين المواطنين.
- وإقرار العدل.
- وإرجاع الحقوق لأصحابها.
ابن خلدون في الأندلس
- طلب السلطان أبو عبدالله بن الأحمر من ابن خلدون التوجه إلى ملك قشتالة عام 765 هـ لإصلاح الأوضاع بينهما.
- استقبل الملك ابن خلدون بحرارة، وعرض عليه البقاء في قشتالة حتى يستعيد أراضي أجداده، لكنه رفض وعاد ليبشر السلطان ابن الأحمر بنجاح مهمته.
ابن خلدون في مصر
شغل ابن خلدون عدة مناصب في مصر، ومن أهمها:
منصب قاضي المالكية
- أصدر الملك الظاهر برقوق أمراً بتعيين ابن خلدون قاضي المالكية عام 786 هـ، لصلاحية خبرته.
- ثم تم تجديد تعيينه في نفس المنصب في سنة 801 هـ، وبعدها تكرر تولي المنصب عامي 803 و804 هـ، وأخيرًا عام 807 هـ، حيث لم يستمر في منصبه الأخير سوى أربع شهور قبل وفاته.
التدريس
- شغل ابن خلدون مناصب تدريسية عدة في مؤسسات تعليمية مختلفة بمصر، بدءًا من الأزهر، ثم انتقل إلى المدرسة القمحية بناءً على طلب صلاح الدين بعد وفاة بعض المعلمين.
- كما عمل في عدة مدارس أخرى مثل الظاهرية والبرقوقية، ودرس مادة الحديث في مدرسة صرغتمش عام 791 هـ.
منصب ولاية خانقاه بيبرس
بعد أداء ابن خلدون لفريضة الحج عام 790 هـ، طلب السلطان الظاهر منه تولي منصب ولاية خانقاه بيبرس.
مراحل حياة ابن خلدون
قسّم المؤرخون مراحل حياة ابن خلدون إلى عدة فترات، وهي كالتالي:
المرحلة الأولى
- تمتد المرحلة الأولى لعشرين عامًا من حياة ابن خلدون التي قضاها في تونس، حيث جمع فيها علومه ونال القدرة على حفظ القرآن الكريم، تمامًا في 15 سنة.
- خلال هذه الفترة، حفظ القرآن بجميع قراءاته وأحكام تجويده.
المرحلة الثانية
- استمرت المرحلة الثانية لمدة 25 عامًا، من 751 هـ حتى 776 هـ، وقد تميزت بتولي ابن خلدون عددًا من المناصب السياسية والإدارية في المغرب وتونس والجزائر.
المرحلة الثالثة
- في هذه المرحلة، أتم ابن خلدون كتابة كتابه الشهير المعروف باسم “العبر في المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والأمازيغ ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر”، والتي تمتد من 776 هـ حتى 784 هـ.
- قد قسّم المؤرخون هذه المرحلة إلى قسمين: الجزء الأول في قلعة ابن سلامة، والثاني في القاهرة.
المرحلة الرابعة
- استمرت المرحلة الرابعة حوالي 24 عامًا، قضاها ابن خلدون في التعليم وأعمال القضاء بين 784 هـ و848 هـ.
ابن خلدون وعلم الاجتماع
- يُعتبر ابن خلدون مؤسس علم الاجتماع، حيث تفوق على العلماء الغربيين المعاصرين له بأعوام طويلة، بما في ذلك فيبر وأوجست كونت وسبنسر.
- كما أكد المؤرخ توينبي أن تميز ابن خلدون في مقدمته الشهيرة يعود إلى عمق بحثه ووضوح أفكاره.
- تمكن ابن خلدون من تناول موضوع العمران البشري بطرق تتقاطع بشكل واضح مع العلوم التاريخية، حيث بيّن أن فهم القواعد والأصول يتم من خلال معرفته بعلم العمران، مما يعكس العلاقة الوطيدة بين علم العمران والعلوم التاريخية.