أرسل الله العديد من الأنبياء إلى شتى أنحاء العالم، حيث بدأت السلسلة النبوية بسيدنا آدم عليه السلام وختمت برسالة نبينا محمد عليه السلام. وقد ارتبطت قصة الأنبياء بالمعجزات التي أنزلها الله تأكيدًا على رسالتهم، ولم يكن الأنبياء بمنأى عن المعاناة التي واجهتهم من قبل أقوامهم.
موقع سفينة نوح
تعددت الآراء حول المكان الذي رست فيه سفينة نوح، ومن أبرز هذه الآراء ما يلي:
- هناك تفسيرات متعددة حول موقع سفينة نوح.
- يُقال إنها استقرت على جبل يُعرف بجبل الجودي الواقع في محافظة من محافظات تركيا.
- ويقع هذا الجبل قرب حدود العراق والشام، ويعتبر من أعلى القمم في تركيا.
- وقد استندت هذه الآراء إلى قوله تعالى: “وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ ۖ وَقِيلَ بُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ”.
- كما أشار بعض الباحثين في الآثار إلى أن السفينة قد رست على جبل آرارات في شرق تركيا.
- فقد عُثر على بعض الآثار الخشبية التي تعود إلى فترة قديمة بعد جهود بحث مكثفة.
- غير أن بعض الخبراء قد نفوا هذه الادعاءات، حيث زعموا أن الجبل لم يكن ظاهرًا إلا بعد انحسار المياه، مما يتعارض مع الرأي السابق.
- وعقدوا ندوة بعنوان “جبل آرارات وسفينة نوح”، لمناقشة التاريخ الدقيق لتلك الأخشاب.
- وقد شارك في هذه الندوة نحو مئة عالم وخبير آثار، واستمرت لثلاثة أيام.
- وأكد البروفيسور أوكتاي بيلي أن قصة سفينة نوح والطوفان هي حقيقة وقعت بالفعل، حيث استمر الطوفان لمدة 150 يومًا، كما ذُكر في جميع الكتب السماوية.
- وأشير إلى أن بعض الروايات تفيد بأن السفينة قد تكون استقرت في اليمن تحت رمال منطقة عساكر.
- وأكد بعض العلماء أن جبل الجودي يقع بالقرب من منطقة آمِد جنوبي أرمينيا.
للمزيد من المعلومات:
نبذة عن نبي الله نوح عليه السلام
سيتم تقديم لمحة تعريفية حول نوح عليه السلام، وهو نبي من الأنبياء الصالحين، لذا يعد من المهم التعرف عليه بشكل أعمق:
- هو نوح بن لامك، ولقب بالأب الثاني للبشر.
- عمل قبل أن يُنزل عليه الوحي في حرفة النجارة.
- وقد أسهمت مهارته في هذه الحرفة في إنجاز بناء السفينة التي أمره الله ببنائها.
- ترتبط قصة سيدنا نوح بالسفينة الضخمة والطوفان العظيم.
دعوة نوح عليه السلام إلى قومه
واجه نوح عليه السلام مشقة وعناء خلال دعوته لقومه، فما كان رد فعلهم وما هي نتائج الدعوة؟ سنستعرض ذلك فيما يلي:
- اتخذ قوم نوح أصنامًا ليعبدوها واتباعوا دين آبائهم وأجدادهم.
- فقد أرسله الله إليهم ليخاطبهم بعبادة الله وحده وترك الشرك.
- لكنهم رفضوا دعوته واستمروا في عبادة الأوثان.
- لم يكتفوا بذلك بل تآمروا عليه واعتبروه وأتباعه كأعداء يجب التخلص منهم.
- صبر سيدنا نوح عليهم وتحمل الأذى بشتى أشكاله.
- وأخبر الله تعالى أنهم كانوا يُغلقون آذانهم عندما يأتي إليهم، ويضعون الثياب على وجوههم ليتجنبوا رؤيته.
- وزادوا من أذاه بالضرب حتى سالت الدماء من جسده.
- وقالوا له: كيف تتبعك الفقراء والضعفاء من القوم؟
- رغم كل ذلك الأذى، كان نوح عليه السلام يدعو الله أن يهدي ويغفر لقومه.
- وبعد تفاقم الأذى، أوحى الله إلى نوح ببناء سفينة بمواصفات مخصوصة.
- وكانت هذه السفينة هي المعجزة التي غيرت مجرى الأمور لقومه وسببت هلاكهم.
- وأكد الله تعالى على دعوة نوح في آية من كتابه الكريم: “ولقد أرسلنا نوحًا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عامًا فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناها آية للعالمين”.
- وذكر أنه استمر داعيًا قومه لفترة طويلة.
سفينة سيدنا نوح
ما هي الأهمية الكبيرة لسفينة نوح، وما دورها في الدعوة الإسلامية التي قام بها نوح عليه السلام؟ سنسلط الضوء على ذلك الآن:
- دعا نوح ربه وشكا له من سوء معاملة قومه وإصرارهم على الكفر، ورجا الله أن يهلكهم.
- استجاب الله له وأوحى إليه ببدء بناء سفينة ضخمة.
- امتثل سيدنا نوح لأمر ربه وبدأ في بناء السفينة التي بلغ طولها ألفي ذراع.
- واستُخدم أخشاب الأشجار الطبيعية في صنع السفينة.
- وقد أمره الله تعالى باستضافة زوجين من كل نوع من الحيوانات على متن السفينة.
- وكذلك من آمن بالله ونبيه وصدق رسالته.
- كان القوم يعانون من الجفاف والقحط في تلك الفترة.
- ومر بعضهم على نوح أثناء انشغاله بالبناء وسخروا منه.
- إلى أن جاء أمر الله وبدأت الأمطار تتساقط بغزارة.
- وانفجرت الأرض بالماء مما أدى إلى انغمارها بالكامل.
- ولم ينجِ من القوم سوى من كان على متن سفينة نوح.
- كما قال الله تعالى: “وَأوحِيَ إِلى نوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤمِنَ مِن قَومِكَ إِلّا مَن قَد آمَنَ فَلا تَبتَئِس بِما كانوا يَفعَلون، وَاصنَعِ الفُلكَ بِأَعيُونِنا وَوَحيِنا وَلا تُخاطِبني فِي الَّذينَ ظَلَموا إنهم مُغرَقُون”.
نجاة سفينة نوح من الفيضان العظيم
- فتح سيدنا نوح أبواب سفينته ليؤوي كل من آمن به أثناء الطوفان العظيم.
- كما ذكرنا، كان على متنها زوجان من كل نوع من الحيوانات.
- وذلك لضمان عدم انقطاع نسل المخلوقات على وجه الأرض.
- وحينما التقت الينابيع مع الأمطار، بدأت المياه تعم الأرض.
- وزاد منسوب المياه حتى غمرت الجبال وابتلعت كل من احتمى بها.
- حتى زوجته وابنه لم ينجوا، إذ كانوا من الكافرين الذين لم يتبعوا دين الله.
- قال تعالى: “وَنادى نوحٌ ابنَهُ وَكانَ في مَعزِلٍ يا بُنَيَّ اركَب مَعَنا وَلا تَكُن مَعَ الكافِرينَ، قالَ سَآوي إِلى جَبَلٍ يَعصِمُني مِنَ الماءِ قالَ لا عاصِمَ اليَومَ مِن أَمرِ اللَّهِ إِلّا مَن رَحِمَ وَحالَ بَينَهُمَا المَوجُ فَكانَ مِنَ المُغرَقينَ”.
- ولم يبقَ أثر لأي فرد على الأرض سوى من كانوا في السفينة.
- وتاهت سفينة نوح في الأمواج، حتى أُمر الله بوقف المطر وأُمرت الأرض بابتلاع المياه.
- وهكذا استقرت السفينة على جبل الجودي.
- وتجدر الإشارة إلى أن اسم الجودي يشير إلى المكان ذاته.
- كما أن عمرو بن نفيل ذكر أن الجودي يُعتبر اسمًا عامًا يشمل جميع الجبال.
الدروس المستفادة من قصة سيدنا نوح
- نتعلم من قصة سيدنا نوح أن الرسل والأنبياء جميعًا مبعوثون لتحقيق غاية واحدة وهي نشر التوحيد وعبادة الله.
- نعلم من تجارب سيدنا نوح صفة الصبر، فهو صبر طويلًا ولم ييأس من دعوته لقومه.
- أهمية التوكل على الله في جميع الأمور، بالإضافة إلى الإخلاص والنية الصادقة في العبادة.
- الاستمرار في طاعة الله والثقة القوية بقدرته على تغيير الأوضاع.
- أيضًا نتعلم من قصة نوح أن الله قادر على فعل المستحيل، وهو مالك السماوات والأرض.
- وأن الأمور العصيبة تُزول بالدعاء، وتتحول إلى فرج ورزق وعطاء.