تُعتبر مدينة القطائع واحدة من أقدم المدن المصرية، حيث أنشأها أحمد بن طولون لتكون عاصمة لمصر، وبدأت أعمال إنشائها في شهر شعبان من عام 868 ميلادية. لذا، تُعد هذه المدينة من أهم المواقع التاريخية التي تحمل دلالات كبيرة.
كان السبب وراء إنشاء هذه العاصمة هو سعي أحمد بن طولون لتوفير مكان يتناسب مع احتياجات جنوده، بعد أن لاحظ الضغوط التي تعرضوا لها في الفسطاط والعسكر، حيث أصبحت الخيارات المتاحة ضيقة ولم تعد تلبي احتياجاتهم.
ولكي تعكس العاصمة الجديدة تميزها عن بقية المدن، اختار أحمد بن طولون موقعها بين جبل يشكر وسفح المقطم. من خلال موقعنا، سنستعرض مدينة العسكر، تفاصيل تأسيس مدينة القطائع، وأسباب تسميتها بهذا الاسم.
أحمد بن طولون مؤسس مدينة القطائع
- كان أحمد بن طولون فاتحًا ومؤسسًا بارزًا، عاش في العراق وكان من أصل تركي.
- أمضى جزءًا كبيرًا من حياته في مدينة سامراء التي أثرت فيه بشكل كبير، مما جعل تصميم عاصمته الجديدة مشابهًا لهذه المدينة.
- قدم خدماته للخلفاء العباسيين وشارك في الفتوحات، مما مكّنه من الحصول على ثقتهم وتعيينه واليًا على مصر.
- تغلب على العديد من الصعوبات والتحديات التي واجهته خلال فترة حكمه.
- أسهمت الحروب والأزمات السياسية في تعزيز ولايته لمصر.
ما قبل تأسيس مدينة القطائع
- لم تكن مدينة القطائع قديمة جدًا، لكنها لم تتزامن مع إقامة الدولة الأموية، حيث أنشئت في فترة حكم أحمد بن طولون لتكون مقرًا للخلافة.
- سبق أن كانت الفسطاط العاصمة الرسمية لمصر، التي اتخذت كقاعدة لجميع الأمور الإدارية خلال العصر الأموي تحت حكم عمر بن العاص.
- مع تولي أحمد بن طولون الحكم في بداية العصر العباسي، سعى لإنشاء عاصمة جديدة بسبب ضيق الفسطاط وعدم قدرتها على احتواء الجنود المتزايد عددهم.
بداية تأسيس مدينة القطائع
- دائمًا ما يسعى الحكام والخلفاء لبناء المدن والعواصم لتوثيق ذكراهم، وكان هذا دافع أحمد بن طولون لإنشاء القطائع، إلي جانب استخدامها لإدارة الجيش.
- بدأ إنشاء المدينة في عام 256 هجريًا، مع تصميمها مستلهمًا من عراقة مدينة سامراء.
- وقع اختيار أحمد بن طولون على شمال شرق مدينة العسكر لنقل العاصمة، بعد إزالة بعض القبور التي كانت في المنطقة.
- أنشأ لنفسه قصرًا فخمًا وواسعًا يعكس مكانته.
- تأثرت جميع المباني بتقاليد العمارة العراقية.
- أنشأ أيضًا مسجدًا بالقرب من قصره، وزرع الزهور والأشجار في أرجاء المدينة لإضفاء جمالية عليها.
- ثم شرع في بناء الدواوين والإدارات اللازمة لإدارة الدولة.
- صممت الشوارع لتكون واسعة ونظيفة، ما ساهم في تيسير الحركة داخل المدينة.
سبب تسمية مدينة القطائع بهذا الاسم
لكل مدينة أو قرية اسم يميزها ويعبر عن مميزاتها أو عيوبها، ولذلك اتخذ أحمد بن طولون هذا الاعتبار عند تسميته للعاصمة الجديدة “القطائع”، بناءً على تنظيماتها الداخلية:
- عند الانتهاء من بناء العاصمة وفقًا لرؤيته، جاء وقت تسميتها.
- نظراً لتصميمها الفني الرائع والذي كان متميزًا مقارنة ببقية المدن المصرية، كان من الضروري منحها اسمًا خاصًا.
- قسم أحمد بن طولون المدينة إلى أحياء، حيث كان يُطلق على كل حي اسم قطيعة، ومن هنا جاء اسم “القطائع”.
- تم تخصيص قطائع لكل قبيلة وكذلك للحرفيين.
- احتوت المدينة أيضًا على حمامات، ومنازل، وقصور، بالإضافة إلى الطواحين، والمساجد، والأفران.
- تضمنت المدينة مجموعة من الساحات العسكرية التي استخدمت لتدريب الجنود، فضلاً عن أسواق لعرض المنتجات.
العلامات التي تميز مدينة القطائع
تتميز كل مدينة بعناصر تجعلها فريدة، سواء من حيث الأبنية والمعالم التاريخية أو الشخصيات البارزة:
- تحتضن مدينة القطائع عددًا من العلماء والأدباء والمفكرين ورجال الدين.
- كونها العاصمة ومركز إدارة الجيش، جذبت المدينة اهتمام العديد من المثقفين.
- يعد القاضي بكار بن قتبة من أبرز القضاة الذين بقوا في ذاكرة المدينة لفترة طويلة.
- أما بالنسبة للمحدثين، فقد كان الربيع بن سليمان المرادي من أشهرهم.
- عبد الرحمن بن عبد الله كان أحد أهم المؤرخين الذين وثقوا تاريخ مصر الإسلامية.
أحمد بن طولون والآثار التي شيدها
- يُعتبر أحمد بن طولون واحدًا من أهم القادة العسكريين الذين حكموا مصر.
- نظراً لقربه من الخلفاء العباسيين، أثبت ولاءه واهتمامه مما أكسبه منصب والي مصر.
- على الرغم من أصوله التركية، عاش فترة طويلة في العراق.
- تمتّع بخبرة كبيرة في الأمور العسكرية وإدارة الجيوش، حيث شارك في العديد من الفتوحات.
- أقام مدينة القطائع لتكون مركزًا للجيش، حيث لاحظ الضغوط التي عانوا منها في الفسطاط وعزم على بناء عاصمة جديدة تليق بهم، مما جعلها تترك أثرًا في التاريخ حتى الآن.
- استمر تأثيره العمراني والفني في تصاميم المباني والتي تحمل لمسات جمالية بارزة.
تاريخ مدينة القطائع
نحن على دراية بوجود مدينة القطائع وظروف نشأتها وتطورها، ونعلم كذلك أن أحمد بن طولون أسسها رغبةً في توفير بيئة ملائمة للجنود وإدارة شؤون الدولة:
- بينت الأبحاث التاريخية أن المدينة التي أسسها أحمد بن طولون كانت مقسمة إلى مناطق إدارية تعرف بالقطائع، مثل قطيعة بلاد السودان وقطيعة بلاد الروم.
- تجمعت المباني والعمائر في وقت لاحق لتشكل آخر بقايا ما يعرف اليوم بقلعة الكبش.
- استمرت المدينة لفترة طويلة، حاملةً في طياتها تاريخاً عريقًا وذكريات لا تُنسى حتى الآن.
- انتهت الدولة الطولونية بعد عودة الدولة العباسية، وقد أُحرقت مدينة القطائع، ولم يتبق منها سوى مسجد أحمد بن طولون، الذي يعد من المعالم السياحية الباقية من تلك الحقبة.