يتساءل الكثيرون عن موقع مسجد عمرو بن العاص، الذي يتمتع بمكانة عظيمة تاريخياً، حيث كان يُعقد فيه مجالس قضائية وحلقات علم مخصصة للنساء، تحت إشراف الواعظة أم الخير الحجازية. في هذا المقال، سنسلط الضوء على تاريخ وموقع هذا المسجد العريق.
موقع مسجد عمرو بن العاص
يقع مسجد عمرو بن العاص في مدينة الفسطاط، التي تأسست في مصر القديمة. كان يعتبر مركزاً هاماً للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وكان يُعرف أيضاً باسم “الجامع العتيق” أو “مسجد الفتح”.
يُعتبر هذا المسجد الأول من نوعه الذي شُيد في مصر بعد فتحها، إذ تأسس قبل إنشاء مدينة الفسطاط نفسها. يُميز المسجد موقعه الفريد قرب حصن بابليون، بالإضافة إلى إطلالته على نهر النيل.
تأسيس مسجد عمرو بن العاص
- تأسس المسجد في عام 21 هـ، 641 م على يد عمرو بن العاص، وهو معروف بـ”تاج الجوامع” ويعتبر الأقدم في إفريقيا بعد مسجد سادات قريش.
- شُيد المسجد أولاً، ثم بُنيت مدينة الفسطاط -التي كانت عاصمة لمصر- حوله.
- كانت المساحة الأصلية للمسجد 1500 متر، وزيدت هذه المساحة لاحقًا بواسطة مسلمة بن مخلد الأنصاري، والي مصر قبل أن يأتي معاوية بن أبي سفيان.
- استمر توسيع المسجد في العصور التالية حتى وصلت مساحته إلى 13200 متر بعد تجديدات قام بها حكام مصر.
- أثناء الحملة الصليبية، استخدم الوزير النيران لتدمير المدينة من أجل إنقاذها، ما أدى إلى احتراق المسجد.
- تم ترميم المسجد مرة أخرى على يد صلاح الدين الأيوبي في عام 568 هـ.
- في عهد العثمانيين، عام 1212 هـ، قام مراد بك بإعادة بناء هيكله الداخلي، وبنى منارتين لا زالتا موجودتين حتى اليوم، إلا أن أعمال الترميم لم تكن بالجودة المرجوة نتيجة قلة المهارة لدى العمال حينها.
الأحداث المؤثرة في المسجد
بعد توضّح موقع مسجد عمرو بن العاص، دعونا نتحدث عن الأحداث التي عاشها هذا المسجد وأثرت عليه:
- تعرض المسجد لزلزال عنيف عام 1992، مما أدى إلى تشققات في جدرانه وأعمدته، وتولت هيئة الآثار المصرية ترميمه بعد ذلك.
- هُدم جزء من سور المسجد، حيث دُمّر نحو خمسين متراً منه، فقامت الهيئة بإنشاء سور جديد بارتفاع ستة أمتار.
- في عام 1996، سقط 150 متراً من سقف المسجد، وتمت إعادة إصلاحه مع تصحيح الأخطاء التي حدثت أثناء ترميم مراد بك.
الأهمية التاريخية لمسجد عمرو بن العاص
يمتلك مسجد عمرو بن العاص أهمية تاريخية بارزة، ومنها:
- كان يُعقد فيه المحاكم لفصل الخلافات الدينية والمدنية، وكانت هذه الجلسات تُقام في الجهة الغربية من المسجد.
- استُضافت فيه حلقات دراسية كان يقدمها الإمام الشافعي وعلماء آخرون، حيث كان يضم حلقات متنوعة للعلماء من مختلف المذاهب.
- احتوى المسجد على حلقات توعية نسائية، وكان يرأسها أم الخير الحجازية كمستشارة.
- يُعتبر اليوم مركزاً ثقافياً وعلمياً، حيث يخصص فصولاً تقوية، ويدير مقارئ ولجان للزكاة، مما يزيد من تفاعله مع المجتمع.
- أصبح المسجد مَزاراً للمصلين الذين يتزايد عددهم يومياً، حتى أحياناً يصبح المكان ضيقاً عليهم.
- أقيمت فيه أيضاً مجالس قصصية لتبادل الحكايات والمعرفة.
خرافات مرتبطة بمسجد عمرو بن العاص
توجد عدة خرافات تتعلق بهذا المسجد، وقد اتخذت الجهات المختصة تدابير للحد منها، منها:
بئر المرأة العقيم
- يوجد في الجانب الشرقي الجنوبي من إيوان القبلة بئر قديم استخدم للوضوء، لكنه جف مع الوقت.
- ربطت النساء خرافة مفادها أن مياه هذا البئر تشفي النساء العقيمات إذا تم سكبها على ظهورهن، واستمررن بالتردد عليه.
- تدخلت الجهات المعنية لتغطية البئر أثناء عمليات الترميم الأخيرة، حيث جفت مياهه بعد مشروع المياه الجوفية.
خرافة كشف الكذب عبر عمدان المسجد
- كان هناك عمودان رخاميان في موضع الحكم، وقد انتشرت خرافة تقول إن الخصوم يجب عليهم المرور بين العمودين.
- يعتقد أن الصادقين يمكنهم المرور بين العمودين بغض النظر عن حجمهم، بينما لا يستطع الكاذبون ذلك حتى وإن كانوا نحيفين.
تقبيل محراب السيدة نفيسة
- في الجانب البحري من إيوان القبلة، كان هناك محراب صغير يُستخدم من قبل السيدة نفيسة للصلاة، حيث كانت النساء يقبلن عليه.
- كان يتواجد خادمان لضرب النساء على رؤوسهن إذا تأخرن عن تقبيل المحراب، نظرًا لتربحهم من هذه الزيارات، وتمت إزالته خلال الترميم الأخير مما أدى إلى حزن الخدم.
أبرز علماء مسجد عمرو بن العاص
خرج من بين فضاء المسجد العديد من العلماء والفقهاء المعروفين، منها:
- الإمام الشافعي.
- محمد العريفي.
- الليث بن سعد.
- محمد حسان.
- أبو طاهر السلفي.
- سعيد عبد العظيم.
- العز بن عبد السلام.
- ياسر برهامي.
- ابن هشام صاحب السيرة.
- أبو إسحاق الحويني.
- محمد الغزالي.
- عبد الرحمن عبد الخالق.
- عبد الصبور شاهين.
معلومات عن مسجد عمرو بن العاص
إليك بعض الحقائق التي ينبغي معرفتها عن مسجد عمرو بن العاص:
- يُعتبر المسجد معلمًا تاريخيًا بارزًا كونه الأول الذي بُني في إفريقيا بعد مسجد سادات قريش.
- كانت الأرض التي أُقيم عليها المسجد ملكًا لقيسبة بن كلثوم، وتم شراؤها من قِبل عمر لبناء المسجد.
- يحتوي المسجد على قبر عبد الله بن عمرو بن العاص.
- يعد رابع جامع في الإسلام، وشارك العديد من الصحابة في إنشاءه وتصميمه.
- بني المسجد بشكل سقيفة مستطيلة تُصنع من أوراق النخيل والخشب.
وصف مسجد عمرو بن العاص
يتميز المسجد بتصميمه الفريد، وإليك وصفه:
- يتألف المسجد من صحن مكشوف يحيط به أربعة أروقة بأسقف خشبية بسيطة، حيث يُعتبر رواق القبلة هو الأضخم.
- يحتوي المسجد على محرابين جوفاء في صدر رواق القبلة.
- توجد لوحتان جميلتان على جدار القبلة يرجع تاريخهما إلى عصر المماليك.
- بالإضافة إلى ذلك، يضم المسجد ضريحية تقع في الجانب الشمالي الشرقي من القبلة، والتي تعود لعهد عبد الله بن عمرو بن العاص.
- يتوسط صحن المسجد قبة مدعومة بثمانية أعمدة رخامية مدورة.
- العقود في المسجد قائمة على أعمدة رخامية من العمائر القديمة.
- يوجد مدخل رئيسي بارز في الجانب الغربي للمسجد.
- تزين الشرفات الهرمية المسجد من الخارج.
- تحتوي المئذنة على شكل مخروطي.
دور مسجد عمرو بن العاص
الدور التاريخي:
- يعتبر مسجد عمرو بن العاص أول مسجد تأسس في مصر وأفريقيا عام 641 م، وكان مركزًا دينيًا وتعليميًا مهمًا خلال العصور الإسلامية المبكرة.
- كان المسجد شاهدًا على التعليم، حيث كانت تُدرس فيه العلوم الشرعية والعلمية.
الدور الاجتماعي والديني:
- يمثل المسجد مكانًا رئيسيًا لعبادة المسلمين والصلوات الخمس اليومية.
- يسهم المسجد في الحياة الاجتماعية من خلال تنظيم الدروس والمحاضرات والندوات الدينية، مما يعزز الروح المجتمعية.
الدور الثقافي:
- يعتبر رمزًا للثقافة الإسلامية، فهو يعكس تاريخ الفن والعمارة الإسلامية عبر العصور.
- شهد المسجد إضافات معمارية تعكس تأثيرات مختلفة من فترات تاريخية متنوعة.
مواعيد زيارة المسجد
يمكن زيارة مسجد عمرو بن العاص يوميًا من الساعة 9 صباحًا حتى 4 عصرًا.