أحبك فلا تسألني عن الدليل
تُعتبر هذه القصيدة من أبرز إبداعات الشاعر نزار قباني، حيث تعكس جوانب مميزة من الحب من منظور الشاعر. فيما يلي نعرض مقتطفات من القصيدة:
أحبك فلا تسألني عن الدليل، أحبك حبيبي.
ولقلبي، فلا تسألني عن الدليل.
هل رأيت رصاصة تسأل القتيل؟
إن حبك، حبيبي، عالم كبير، أعشقك.
ولا أريد شيئًا سوى حبك، وقلبي ينبض
بأسمى المعاني، والكلمات، والأشواق
التي تعبر عن حبي لك؛ فلا دليل، ولا أسوار لحبك،
ولا نهاية بعد.. لماذا تسأل المحبوبة
دائمًا محبوبها عن دليل لحبه؟
هل حقًا هناك دليل على الحب؟
إن الدليل على الحب هو المواقف فقط، ولا شيء غيرها.
كلمات الحب لا تعبر وحدها عن مدى الحب
الذي يحمله الشخص لمحبوبته، بل هي المواقف
التي تجعلنا نثق تمامًا بمدى حب الشخص لنا
وبمدى ارتباطه بنا.. أحبك فلا تسألني عن الدليل..
هل يُسأل عاشق كيف يسلك طريق محبوبته؟
أرجوك، دلني إلى طريق لقياك، فأنت كنت
ولا تزالين ذلك البدر في الليل الداكن،
كنت وما زلت تجرّني بكلماتك العذبة..
وبابتسامتك النقية حتى أشعر بوجودي..
أتذكر كم سهرنا على رمال ذلك الشاطئ،
وكم أبحرنا في أعماق الكون..
هناك حيث تَبعثِر روحي في أرجاء حبك المجنون،
وأنا أناديك أن تعالي ولملمي روحي المبعثرة في هذا الكون،
وأعيدي تكويني وشكليني بيديك كما تشائين.
فتجيب قلبي العاشق، أنت أنثى كبيرة بالحب،
فلا تسرعي… قلبي يفضل السكون، لكنني لن أستطيع التوقف.
قصيدة خمس دقائق
اجلسي خمس دقائق،
لا يحتاج الشعر كي يسقط كالدرويش
في غيبوبة كبيرة، سوى خمس دقائق..
لا يحتاج الشعر كي يثقب لحم الورق العاري،
سوى خمس دقائق.
فراوديني لدقائق..
ثم اختفي عن ناظري بعد قليل.
لست بحاجة لأكثر من علبة كبريتٍ
لإشعال ملايين الحرائق.
إن أقوى قصص الحب التي أعرفها
لم تدم أكثر من خمس دقائق.
قصيدة حبيبتي والمطر
تعد هذه القصيدة واحدة من أجمل مؤلفات نزار قباني، وفيما يلي نستعرضها:
أخاف أن تمطر الدنيا ولست معي،
فمنذ رحيلك أواجه عقدة المطر.
كان الشتاء يعتنيني بمعطفه،
فلا أفكر في بردٍ ولا انزعاج.
كانت الرياح تعوي خلف نافذتي فتهمسين: التقطي
ها هنا شعري، والآن أجلس،
والأمطار تضربني على ذراعي ووجهي
على ظهري، فمن يدافع عني يا مسافرة
مثل اليمامة بين العين والبصر؟
كيف يمكنني محو ذكراك من أوراق ذاكرتي
وأنت في القلب مثل النقش في الحجر؟
أنا أحبك يا من تسكنين دمي،
إن كنت في الصين أو كنت في القمر.
قصيدة أنا والنساء
تميز نزار قباني بكتابته للكثير من القصائد التي تتعلق بالنساء:
أريد الذهاب..
إلى زمن سابق لمجيء النساء،
إلى زمن لم يعرف بكاء المرأة.
فلا أرى فيه وجه امرأة..
ولا أسمع فيه صوت امرأة..
ولا أعلق نفسي برضاها…
ولا ألعق كالهر ركبة أي امرأة…
أريد الخروج حياً من تلك البئر،
لكي لا أموت بضربة نهدٍ،
وأهرس تحت الكعوب الرفيعة،
تحت العيون الكبيرة،
تحت الشفاه الغليظة،
تحت رنين الحلي، وجلود الفراء.
أريد الخروج من الثقب
كي أتنفس بعض الهواء.
قصيدة إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني
يمتلك نزار قباني العديد من قصائد الحب الرائعة، ومنها:
مكسرة كجفون أبيك هي الكلمات،
ومقصوصة، كجناح أبيك، هي المفردات.
فكيف يغني المغني؟
وقد ملأ الدمع كل الدواوين.
وماذا سأكتب يا بني؟
وموتك ألغى جميع اللغات..
إلى أي سماء نمد أيدينا؟
ولا أحد في شوارع لندن يبكي علينا..
الموت يهاجمنا من كل الجهات،
ويقطعنا مثل صفصافتين.
أذكر، حين أراك، عليا،
وتذكر حين تراني، الحسين.
أحملك، يا ولدي، فوق ظهري
كجذع شجرة انكسر إلى نصفين.
وشعرك حقلاً من القمح تحت المطر،
ورأسك في راحتي زهرة دمشقية.. وبقايا قمر.
أواجه موتك وحدي،
وأجمع كل ثيابك وحدي،
وألثم قمصانك العاطرات..
ورسمك فوق جواز السفر،
وأصرخ مثل المجانين وحدي،
وكل الوجوه أمامي نحاس،
وكل العيون أمامي حجر.
فكيف أقاوم سيف الزمان؟
وسيفي انكسر..
قصيدة حب بلا حدود
تُعتبر هذه القصائد من أجمل القصائد الحب التي كتبها نزار قباني:
يا سيدتي:
كنت أهم امرأة في تاريخي،
قبل رحيل العام.
أنت الآن.. أهم امرأة
بعد ولادة هذا العام..
أنت امرأة لا أحسبها بالساعات والأيام.
أنت امرأة..
صُنعت من فاكهة الشعر،
ومن ذهب الأحلام..
كنتِ امرأة.. سكنت جسدي
قبل ملايين الأعوام..
يا سيدتي:
يا مغزولة من قطن وغمام،
يا أمطارًا من ياقوت،
يا أنهارًا من نهوند،
يا غابات رخام..
يا من تسبحين كالأسمـاك في مياه القلب،
وتسكنين في العينين كسرب الحمام.
لن يتغير شيءٌ في عاطفتي،
في إحساسي،
في وجداني، في إيماني،
فأنا سأظل على دين الإسلام..
يا سيدتي:
لا تهتمي لإيقاع الوقت وأسماء السنوات.
أنت امرأة تبقى امرأة في كل الأوقات.
سوف أحبك،
عند دخول القرن الواحد والعشرين،
وعند دخول القرن الخامس والعشرين،
وعند دخول القرن التاسع والعشرين،
وسأحبك،
حين تجف مياه البحر،
وتحترق الغابات..