الإمام الشافعي يُعَدّ الإمام الثالث بين الأئمة الأربعة، ويمتلك مكانة رفيعة في قلوب المسلمين. لم يكن عالمًا في الشريعة الإسلامية وحسب، بل كان أيضًا بارعًا في فن الرماية.
الشافعي كان شاعرًا أيضًا، حيث كتب قصيدة “أحب الصالحين ولست منهم”، والتي سنتناولها بالتفصيل في هذا المقال، بالإضافة إلى تقديم معلومات شاملة عن الإمام الشافعي رحمه الله.
من هو الإمام الشافعي؟
قبل أن نستعرض تفاصيل قول الإمام الشافعي ونشرح معاني الأبيات، نحتاج إلى التعرف على الإمام بشكل دقيق، وإليكم المعلومات الأساسية عنه:
- اسم الأم: فاطمة بنت عبد الله الأزدية.
- اسم الأب: إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف.
- يشتهر الإمام الشافعي بهذا الاسم، لكن اسمه الكامل هو: أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي المطلبي القرشي.
- وُلِد الإمام الشافعي عام 150 هـ (767 م) وتوفي عام 204 هـ (820 م).
- هناك ثلاثة آراء حول مكان ولادته: يُقال إنه وُلِد في فلسطين، بالقرب من مدينة غزة في عسقلان، وأيضًا يُعتقد أنه وُلِد في اليمن.
- الإمام الشافعي هو الإمام الثالث بين الأئمة الأربعة عند أهل السنة.
- يُعتبر الشافعي مؤسس علم أصول الفقه والمذهب الشافعي، وهو إمام في علم التفسير وعلم الحديث.
- كان معروفًا بذكائه وعدله، وقد شغل منصب قاضي.
- علاوة على ذلك، كان له اهتمامات متعددة، بما في ذلك الشعر والسفر والرماية.
- قال الإمام أحمد بن حنبل في مدحه: “كان الشافعي كالشمس للدنيا، وكالعافية للناس”.
- كنيته هي أبو عبد الله.
- أنجب الإمام الشافعي أربعة أبناء: اثنان من الذكور وفتاتان، وهم: أبو عثمان وفاطمة وأبو الحسن وزينب.
- تعددت ألقابه، ومنها: عالم العصر، إمام قريش، الإمام المجدد، ناصر الحديث، فقيه الأمة.
قول الإمام الشافعي “أحب الصالحين ولست منهم” وبعض التفسيرات
في البيت الأول من قول الإمام الشافعي “أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنال بهم شفاعة”، يُعبّر الشافعي عن حبه لأهل الخير:
- “أحب الصالحين ولست منهم” تعني أنه يعبر عن حبه للأشخاص الذين يسعون للخير.
- هؤلاء الأشخاص يتجنبون المعاصي ويسعون لرضا الله سبحانه وتعالى.
- الإمام يُشير إلى تواضعه واعترافه بالتقصير عندما يقول “لست منهم”.
- يدرك أن المؤمن، مهما عمل، يبقى مقصرًا ولا يكفي عمله لشكر فضل الله ورحمته.
- عندما يضيف “لعلي أنال بهم الشفاعة”، يُظهر أمله في أن يحصل على شفاعة الله بسبب حبه للصالحين.
- كما أكد النبي صلى الله عليه وسلم أن المرء مع من أحب.
شرح البيت الثاني من قصيدة “أحب الصالحين”
في البيت الثاني، يقول الإمام الشافعي: “وأكره من تجارته المعاصي ولو كنا سواء في البضاعة”.
- هنا يُظهر الإمام كراهيته لمن يتاجرون بالمعاصي، ويقصد أولئك الذين يجاهرون بذنوبهم.
- يُعبر عن عدم رضاه عن أولئك الذين لا يشعرون بالندم على أفعالهم الخاطئة، رغم اعترافه بوجود ذنوبه الخاصة.
تهدف هذه القصيدة إلى الإقرار بإنسانية الإمام الشافعي وكماله، حيث يعبر عن حبه للأتقياء في سعيه للحصول على شفاعة الله ودخول الجنة.
قصيدة الإمام الشافعي
أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنال بهم
شفاعة والردود عليها
وفيما يلي، نعرض نص قصيدة “أحب الصالحين ولست منهم”، بالإضافة إلى بعض الردود عليها:
- قصيدة الإمام الشافعي تتضمن:
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَستُ مِنهُم ******* لَعَلّي أَن أَنالَ بِهِم شَفاعَة
وَأَكرَهُ مَن تِجارَتُهُ المَعاصي ******* وَلَو كُنّا سَواءً في البِضاعَة
- رد الإمام أحمد بن حنبل كان كالتالي:
تُحِبُّ الصَّـالِحِينَ وأَنْتَ مِنْهُم *** رَفـِيقُ القَوْمِ يَلْحَقُ بِالْجَمَاعَة
وَتَكْـرَهُ مَنْ بِضـَاعَتُه المَعَاصِي ***حَمَاكَ اللهُ مِنْ تِـلْكَ البِضَاعَة.
- تبع ذلك رد الشيخ زيد بن محمد بن الهادي المدخلي على قول الإمام أحمد بن حنبل:
وَمَا قَالَ الإِمَامُ أَرَاهُ حَقًّا *** وَمَنْ كَالشَّافِعِي عِلْمًا وَطَاعَة
وَيَالَيْتَ النِّسَاءَ يَلِدْنَ يَوْمًا *** كَمِثْلِ الشَّافِعِي فِي كُلِّ سَاعَة
شجَاع مَـاجِد حِـبْر كَرِيـم ***عَظِـيم الزَّهْدِ حِلْيَتـه القَنـَاعَة
وَفِي شَتَّى العُلومِ لَه اطِّلاَع***كَذَا الأَخْلاَق أسْوَته الجَمَاعَة
وَيَا رَبَّـاهُ فَارْحَمْنَا جَـمِيعًا *** إِلَــهُ الخَلْقِ وَامْنَحْنَا الشَّفَاعَة.
من خلال ردود الإمام أحمد بن حنبل والشيخ زيد بن محمد بن الهادي، يتضح التقدير الكبير الذي يكنونه للإمام الشافعي وولائهم له، ولعل الجميع يدرك ويعترف بعطاءاته ومكانته الرفيعة.
المذهب الشافعي في مصر
- انتشر المذهب الشافعي في مصر منذ بدايته، وأصبح هو المذهب الأكثر شيوعًا في مصر والسودان. هذه الوضعية استمرت حتى بداية الدولة الفاطمية، حيث لم يحظ المذهب الشافعي بنفس الانتشار في تلك الفترة.
- بعد انهيار الدولة الفاطمية وصعود صلاح الدين الأيوبي، تم استئناف الاهتمام بالمذاهب الأربعة، مع تركيز خاص على مذهب الإمام الشافعي ليعود إلى طبيعته السائدة في مصر.