الذاكرة تعد من العناصر الأساسية في حياة الإنسان، حيث تتضمن مجموعة من الأفكار والمعلومات والتجارب التي مر بها منذ ولادته. يتمكن الفرد من فهم هذه المعلومات وتخزينها في الدماغ ليعيد استرجاعها وقت الحاجة.
ومع ذلك، قد يعاني الإنسان أحيانًا من النسيان، مما يعني فقدان ذكريات أو معلومات مرتبطة بمواقف معينة لم يتمكن من تذكرها لاحقًا. في هذا المقال، سنتناول ظاهرة النسيان من منظور علم النفس، بالإضافة إلى استعراض أسبابها وطرق التعامل معها.
النُسيان في علم النفس
- يُعرَّف النسيان في علم النفس بأنه عدم القدرة على تذكر ذكريات سابقة أو معلومات مخزَّنة أو أحداث حديثة. قد يكون النسيان لفترة قصيرة ثم يزول، أو قد يصبح مستمرًا وقد يفضي إلى مضاعفات سلبية على الفرد مع مرور الوقت.
- يحدث النسيان عندما تكون المعلومات غير متاحة في الذاكرة، أو تتوفر ولكن يواجه الشخص صعوبة في تذكرها. تعتبر هذه الظاهرة طبيعية بالنسبة لبعض الأشخاص مع تقدمهم في العمر، بينما قد تشير في حالات أخرى إلى وجود مشكلة صحية تستدعي تشخيصًا طبيًا عاجلاً.
- تجدر الإشارة إلى أن العديد من مشكلات النسيان المرضية قد تُشير إلى الإصابة بالخرف، وهو حالة يسهل تشخيصها نظرًا لتأثيرها الكبير على قدرة الفرد على أداء المهام اليومية والتفاعل مع الآخرين بشكل طبيعي.
- على العكس، فإن النسيان الطبيعي الناتج عن الشيخوخة لا يسبب أي مشكلات ملحوظة على الصعيدين المهني والاجتماعي.
أسباب النسيان في علم النفس
تتعدد أسباب النسيان بصفة عامة، ومن أبرزها ما يلي:
الاكتئاب
- تؤدي حالة الاكتئاب إلى ضعف تركيز الفرد واهتمامه بالمواقف، مما يعوق عملية تخزين المعلومات. ويؤدي ذلك إلى عدم القدرة على تذكر الأحداث التي وقعت مؤخرًا.
- علاوة على ذلك، فإن الشعور بالتعب والإجهاد والقلق يساهم في حدوث النسيان، حيث تخلق هذه المشاعر ضغطًا زائدًا على الدماغ مما يؤثر سلبًا على القدرة على استرجاع المعلومات. كما يُمكن للتوتر الناتج عن مشكلات عاطفية أن يُسهم في النسيان أحيانًا.
الأرق
قد يُسهم عدم القدرة على النوم بشكل جيد والأرق في فقدان الذاكرة، حيث يؤدي النوم المتقطع أو قلة ساعات النوم إلى شعور الشخص بالإرهاق والتعب، وبالتالي تدهور القدرة على التذكر.
الأمراض العقلية
- يمكن أن تؤدي الإصابة بأمراض عقلية، مثل الزهايمر والخرف، إلى فقدان الذاكرة مع مرور الوقت. وفي هذه الحالات، يعاني الشخص من عجز في أداء المهام اليومية التي كان يقوم بها بشكل طبيعي من قبل.
- تحدث هذه الأمراض نتيجة التلف التدريجي لخلايا الدماغ، والذي قد يكون ناتجًا عن الإفراط في تناول الكحول أو المخدرات.
سوء التغذية
يمكن أن تؤدي نقص بعض الفيتامينات الأساسية مثل فيتامين ب12 وب1 إلى النسيان. إن ذاكرة قوية ترتبط بشكل مباشر بتغذية سليمة تتضمن البروتينات، الفيتامينات، والدهون الصحية.
أسباب أخرى
- تناول بعض الأدوية الطبية والنفسية، مثل مضادات الاكتئاب والمُرخيَات العضلية.
- الاستهلاك المفرط للكحول والمخدرات، حيث يؤدي ذلك إلى فقدان الذاكرة. كما تقلل السجائر من نسبة الأكسجين التي تصل إلى الدماغ، مما يؤدي إلى ضعف الذاكرة على المدى الطويل.
- الإصابة بالسكتة الدماغية، التي قد تعيق تدفق الدم إلى الدماغ، مما يُسبب نسيانًا مؤقتًا.
- تعرض الشخص لإصابات في الرأس نتيجة حوادث، والذي قد يؤدي أيضًا إلى فقدان الذاكرة لفترات قصيرة أو طويلة، ولكن الذاكرة عادةً ما تستعيد نشاطها بشكل تدريجي.
- مشكلات الغدة الدرقية.
- الإيدز أو السل.
علاج النسيان
يعتمد علاج النسيان على تحديد السبب الجذري له. ففي حال كان العلاج بسبب الأرق أو قلة النوم، يُفضل الحصول على كمية كافية من النوم ليلاً. وفيما يلي بعض النصائح لتعزيز الذاكرة:
- اتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضروات والفواكه.
- ممارسة الرياضة يوميًا لتحسين تدفق الدم إلى جميع أجزاء الجسم، بما في ذلك الدماغ.
- تجنب شرب الكحول والمخدرات والتدخين.
- خصص وقتًا يوميًا لحل الألغاز أو الكلمات المتقاطعة أو تعلم لغات جديدة لتعزيز نشاط العقل.
- تجنب التعرض لمواقف تسبب التوتر والاكتئاب.
- التواصل مع الأصدقاء والمقربين لتعزيز الشعور بالسعادة والراحة.
- النوم لساعات كافية مع توفير بيئة مريحة تُساعد على النوم الجيد.
متى يجب زيارة الطبيب
من الضروري استشارة الطبيب عند ظهور علامات تشير إلى وجود مشكلة خطيرة، مثل:
- تكرار إسئلة معينة من قبل المريض وعدم قدرته على تذكر معلومات كان يعرفها سابقًا، مثل أسماء الأبناء أو الأخوة.
- عدم القدرة على العودة إلى المنزل بمفرده بسبب نسيان الطريق.
- عدم القدرة على تذكر كيفية قيادة السيارة.
- صعوبة تذكر أحداث وقعت في اليوم السابق.