أفضل قصائد نزار قباني المعبرة والجميلة

أجمل قصائد نزار قباني

دعنا نأخذك، عزيزي القارئ، في جولة للاستمتاع بمجموعة مختارة من أروع قصائد نزار قباني، تلك التي ستظل تتردد عبر الأجيال المختلفة:

قصيدة حب بلا حدود

يُعتبر نزار قباني من أبرز الشعراء الذين كتبوا العديد من الدواوين الشعرية، حيث وصلت أعماله إلى حوالي 35 ديوانًا. وقد بدأ نزار درب الشعر منذ أن كان في السادسة عشرة من عمره، وفيما يلي نسلط الضوء على أحدى قصائده الشهيرة، “حب بلا حدود”:

يا سيدتي:

كنت أهم امرأة في تاريخي…

قبل رحيل العام…

أنت الآن أهم امرأة…

بعد ولادة هذا العام…

أنت امرأة لا أعدها بالساعات والأيام…

أنت امرأة…

صنعت من فاكهة الشعر…

ومن ذهب الأحلام…

أنت امرأة كانت تسكن جسدي…

قبل ملايين الأعوام…

يا سيدتي:

يا مغزولة من قطن وغمام…

يا أمطاراً من ياقوت…

يا أنهاراً من نهوند…

يا غابات رخام…

يا من تسبح كالأسمـاك بماء القلب…

وتسكن في العينين كسرب حمام…

لن يتغير شيء في عاطفتي…

في إحساسي…

في وجداني، في إيماني…

فأنا سوف أظل على دين الإسلام…

يا سيدتي:

لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات…

أنت امرأة تبقى امرأة… في كل الأوقات…

سأحبك…

عند دخول القرن الواحد والعشرين…

وعند دخول القرن الخامس والعشرين…

وعند دخول القرن التاسع والعشرين…

وسأحبك…

حين تجف مياه البحر…

وتحترق الغابات…

يا سيدتي:

أنت خلاصة كل الشعر…

ووردة كل الحريات…

يكفي أن أتهجى اسمك…

حتى أصبح ملك الشعر…

وفرعون الكلمات…

يكفي أن تعشقني امرأة مثلك…

حتى أدخل في كتب التاريخ…

وترفع من أجلي الرايات…

يا سيدتي:

لا تضطربين مثل الطائر في زمن الأعياد…

لن يتغير شيء مني…

لن يتوقف نهر الحب عن الجريان…

لن يتوقف نبض القلب عن الخفقان…

لن يتوقف حجل الشعر عن الطيران…

حين يكون الحب كبيرًا…

والمحبوبة قمراً…

لن يتحول هذا الحب…

لحزمة قش تأكلها النيران…

يا سيدتي:

ليس هنالك شيء يملأ عيني…

لا الأضواء…

ولا الزينات…

ولا أجراس العيد…

ولا شجر الميلاد…

لا يعني لي الشارع شيئًا…

لا تعني لي الحانة شيئًا…

لا يعنيني أي كلام…

يكتب فوق بطاقات الأعياد…

يا سيدتي:

لا أتذكر إلا صوتك…

حين تدق نواقيس الآحاد…

لا أتذكر إلا عطرك…

حين أنام على ورق الأعشاب…

لا أتذكر إلا وجهك…

حين يهرهر فوق ثيابي الثلج…

وأسمع طقطقة الأحطاب…

ما يُفرحني يا سيدتي…

أن أتكوم كالعصفور الخائف…

بين بساتين الأهداب…

ما يبهرني يا سيدتي…

أن تهديني قلماً من أقلام الحبر…

أعانقه…

وأنام سعيداً كالأولاد…

يا سيدتي:

ما أسعدني في منفاي…

أقطر ماء الشعر…

وأشرب من خمر الرهبان…

ما أقواني…

حين أكون صديقًا…

للحرية والإنسان…

يا سيدتي:

كم أتمنى لو أحببتك في عصر التنوير…

وفي عصر التصوير…

وفي عصر الرواد…

كم أتمنى لو قابلتك يومًا…

في فلورنسا…

أو قرطبة…

أو في الكوفة…

أو في حلب…

أو في بيت من حارات الشام…

يا سيدتي:

كم أتمنى لو سافرنا…

نحو بلاد يحكمها الغيتار…

حيث الحب بلا أسوار…

والكلمات بلا أسوار…

والأحلام بلا أسوار…

يا سيدتي:

لا تنشغلي بالمستقبل، يا سيدتي…

سوف يظل حنيني أقوى مما كان…

وأعنق مما كان…

أنت امرأة لا تتكرر في تاريخ الورد…

وفي تاريخ الشعر…

وفي ذاكرة الزنبق والريحان…

يا سيدة العالم…

لا يشغلني إلا حبك في آتي الأيام…

أنت امرأتي الأولى…

أمي الأولى…

رحمي الأول…

شغفي الأول…

شبقي الأول…

طوق نجاتي في زمن الطوفان…

يا سيدتي:

يا سيدة الشعر الأولى…

هاتي يدك اليمنى كي أتخبأ فيها…

هاتي يدك اليسرى…

كي أستوطن فيها…

قولي أي عبارة حب…

حتى تبتدئ الأعياد.

قصيدة اعتني بعيوني

يتميز حب نزار قباني بخصوصية كبيرة، فهو من أكثر الشعراء شهرة في كتابة قصائد الحب. وفي هذه السطور، نستعرض قصيدة “اعتني بعيوني”، والتي تعد من أجمل قصائده:

قالت له…

أتحبني وأنا ضريرة…

وفي الدنيا بنات كثيرة…

الحلوة، والجميلة، والمثيرة…

ما أنت إلا بمجنون…

أو مشفق على عمياء العيون…

قال…

بل أن عاشق يا حلوتي…

ولا أتمنى من دنيتي…

إلا أن تصيري زوجتي…

وقد رزقني الله المال…

وما أظن الشفاء محال…

قالت…

إن أعدت إلي بصري…

سأرضى بك يا قدري…

وسأقضي معك عمري…

لكن…

من يعطيني عينيه…

وأي ليل يبقى لديه…

وفي يوم جاءها مسرعًا…

أبشري قد وجدت المتبرع…

وستبصرين ما خلق الله وأبدع…

وستوفين بوعدك لي…

وتكونين زوجة لي…

ويوم فتحت أعينها…

كان واقفًا يمسك يدها…

رأتــه…

فدوت صرختها…

أأنت أيضًا أعمى؟!

وبكت حظها الشؤم…

لا تحزني يا حبيبتي…

ستكونين عيوني ودليلتي…

فمتى تصيرين زوجتي…

قالت…

أأنا أتزوج ضريرًا…

وقد أصبحت اليوم بصيرة…

فبكى…

وقال سامحيني…

من أنا لتتزوجيني…

ولكن…

قبل أن تتركيني…

أريد منك أن تعديني…

أن تعتني جيدًا بعيوني…

قصيدة رفقًا بأعصابي

تألق نزار قباني بقصائد مميزة ومتنوعة، ومن بين هذه القصائد تبرز “رفقًا بأعصابي” التي سنعرضها فيما يلي:

شرشت…

في لحمي وأعصابي…

وملكتني بذكاء سنجاب…

شرشت… في صوتي، وفي لغتي…

ودفاتري، وخيوط أثوابي…

شرشت بي شمسًا وعافية…

وكسا ربيعك كل أبوابي…

شرشت حتى في عروق يدي…

وحوائجي وزجاج أكوابي…

شرشت بي رعدًا وصاعقة…

وسنابلاً وكروم أعناب…

شرشت حتى صار جوف يدي…

مرعى فراشات وأعشاب…

تتساقط الأمطار… من شفتي…

والقمح ينبت فوق أهدابي…

شرشت حتى العظم يا امرأة…

فتوقفي رفقًا بأعصابي…

قصيدة أيظن

من خلال قصائد نزار قباني، نرى تنوعًا في مواضيعها، وفيما يلي نستعرض قصيدة “أيظن”:

أيظن أني لعبة بيديه؟

أنا لا أفكر في الرجوع إليه…

اليوم عاد كأن شيئًا لم يكن…

وبراءة الأطفال في عينيه…

ليقول لي: إني رفيقة دربه…

وبأنني الحب الوحيد لديه…

حمل الزهور إليني كيف أرده…

وصباي مرسوم على شفتيه…

ما عدت أذكر والحرائق في دمي…

كيف التجأت أنا إلى زنديه…

خبأت رأسي عنده وكأنني…

طفل أعادوه إلى أبويه…

حتى فساتيني التي أهملتها…

فرحت به… رقصت على قدميه…

سامحته… وسألت عن أخباره…

وبكيت ساعات على كتفيه…

وبدون أن أدري تركت له يدي…

لتنام كالعصفور بين يديه…

ونسيت حقدي كله في لحظة…

من قال إني قد حقدت عليه؟

كم قلت إني غير عائدة له…

ورجعت ما أحلى الرجوع إليه…

قصيدة امرأة حمقاء

في قصيدة “امرأة حمقاء”، يعبر نزار قباني عن أفكار جديدة ورؤى متميزة:

يا سيدي العزيز…

هذا خطاب امرأة حمقاء…

هل كتبت إليك قبلي امرأة حمقاء؟

اسمي أنا؟ دعنا من الأسماء…

رانية أم زينب…

أم هند أم هيفاء…

أسخف ما نحمله يا سيدي الأسماء…

يا سيدي…

أخاف أن أقول ما لدي من أشياء…

أخاف لو فعلت أن تحترق السماء…

فشرقكم يا سيدي العزيز…

يصادر الرسائل الزرقاء…

يصادر الأحلام من خزائن النساء…

يستعمل السكين…

والساطور…

كي يخاطب النساء…

ويذبح الربيع والأشواق…

والضفائر السوداء…

وشرقكم يا سيدي العزيز…

يصنع تاج الشرف الرفيع…

من جماجم النساء…

لا تنتقدني سيدي…

إن كان خطي سيئًا…

فإنني أكتب والسياف خلف بابي…

وخارج الحجرة صوت الريح والكلاب…

يا سيدي…

عنترة العبسي خلف بابي…

يذبحني…

إذا رأى خطابي…

يقطع رأسي…

لو رأى الشفاف من ثيابي…

يقطع رأسي…

لو أنا عبرت عن عذابي…

فشرقكم يا سيدي العزيز…

يحاصر المرأة بالحراب…

يبايع الرجال أنبياء…

ويطمر النساء في التراب…

لا تنزعج!

يا سيدي العزيز من سطوري…

لا تنزعج!

إذا كسرت القمقم المسدود من عصور…

إذا نزعت خاتم الرصاص عن ضميري…

إذا أنا هربت…

من أقبية الحريم في القصور…

إذا تمردت على موتي…

على قبري…

على جذوري…

والمسلخ الكبير…

لا تنزعج يا سيدي!

إذا أنا كشفت عن شعوري…

فالرجل الشرقي…

لا يهتم بالشعر ولا الشعور…

الرجل الشرقي…

لا يفهم المرأة إلا داخل السرير…

معذرة… معذرة يا سيدي…

إذا تطاولت على مملكة الرجال…

خواطر حزينة ومؤلمة عن الحياة، الأدب الكبير طبعًا، أدب الرجال والحب كان دائمًا…

من حصة الرجال…

والجنس كان دائمًا…

مخدرًا يباع للرجال…

خرافة حرية النساء في بلدنا…

فليس من حرية…

أخرى سوى حرية الرجال…

يا سيدي…

قل ما تريده عني، فلن أبالي، سطحية، غبية، مجنونة، بلهاء، فلم أعد أبالي…

لأن من تكتب عن همومها…

في منطق الرجال امرأة حمقاء…

ألم أقل في أول الخطاب أني…

امرأة حمقاء؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top