يعتبر مفهوم الاستطاعة متنوعاً بين اللغة والاصطلاح، ولكنه يتفق على أنه يعبر عن القدرة. يختلف هذا المفهوم بين مختلف الأمور مثل الحج والعمرة والصيام والصلاة والجهاد والصبر والعدل والصدقة، وغيرها. ومن المؤكد أن الله سبحانه وتعالى لا يكلف نفساً إلا وسعها. سنتناول في هذا المقال أنواع الاستطاعة بشكل شامل.
تعريف الاستطاعة في الشرع
- الاستطاعة تعني قدرة الفرد وتمكنه من أداء مهمة معينة، حيث تُعد القدرة سمة أساسية مرتبطة بالاستطاعة.
- استُخدمت كلمة “استطاع” بأشكالها المتعددة في القرآن الكريم 42 مرة، حيث وردت بصيغة الفعل الماضي 15 مرة وفي صيغة الفعل المضارع 27 مرة. كما تم الإشارة إليها بمعاني ثلاثة هي الغنى، والطاقة، والقدرة البدنية.
- في اللغة، يعني مفهوم الاستطاعة المقدرة على إتمام الشيء، بينما في الاصطلاح، فإن المستطيع هو من يمتلك القدرة المالية والبدنية، وهذا يختلف حسب الظروف والأحوال.
أنواع الاستطاعة
الاستطاعة المالية
تشير إلى القدرة على أداء الالتزامات المالية مثل الزكاة والحج والنفقات والكفارات والإنفاق في سبيل الله.
الاستطاعة القلبية
تعبر عن التحكم في ما يسعى الشخص لتحقيقه، ومدى إقباله وحماسه اللازمين، وهي تعكس انطباعاته الداخلية.
الاستطاعة البدنية
تشير إلى سلامة الجسم، وهي شرط أساسي في بعض الواجبات مثل الطهارة والصيام والحج والجهاد وغيرها.
أدوات الاستطاعة
عندما كلفنا الله بالتكاليف الشرعية، منحنا القدرة على تنفيذ هذه الواجبات عبر مجموعة من الأدوات. يُعتبر من يمتلكها غير معذور، ومن هذه الأدوات:
الجوارح
تشير إلى أعضاء الجسم، التي قد تؤدي إلى الخير أو الشر. لذلك، يتحمل الإنسان مسؤولية كل تصرف يصدر عنه، وتُستخدم هذه الجوارح لأداء العديد من العبادات كالصلاة والحج.
النعم
أنعم الله على البشر بمجموعة من النعم مثل الصحة، والمال، والوقت، ومدى الطاقة والتحمل.
الاستطاعة وعلاقتها بالتكليف
- اتفق العلماء على أهمية الاستطاعة كشرط أساسي للتكليف، حيث يوضح القرآن ذلك في القول “لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها”.
- ظهر مفهوم الاستطاعة في مجالات متعددة من الدين، حيث إن الله لا يكلف الإنسان بما لا يطيق، فهناك من قد يكون عاجزًا عن أداء الواجبات. ومن تلك المجالات:
الاستطاعة في الحج والعمرة
تعددت الآراء حول الاستطاعة في الحج والعمرة، والتي تتمثل في أربعة آراء رئيسية:
امتلاك القدرات البدنية والمالية
في هذه الحالة، يجب على الفرد أداء الحج والعمرة بنفسه، وفق إجماع العلماء.
عدم امتلاك القدرات المالية والبدنية
في هذه الحالة، يُعفى الشخص من أداء الحج والعمرة، كما اتفق العلماء.
امتلاك القدرة البدنية فقط
إذا كان الشخص من أهل مكة، فهو غير ملزم بالحج والعمرة لأن أداؤها لا يعتمد على المال.
امتلاك القدرة المالية لكن عجز بدني دائم
يجب عليه الحج والعمرة من خلال الإنابة، وقد تكون شروط الاستطاعة في الحج والعمرة كما يلي:
- شروط استطاعة عامة للرجال والنساء تشمل القدرة البدنية (صحة البدن وقدرته على السير والركوب).
- استطاعة مالية تتمثل في الزاد والراحلة والنفقات الشخصية.
- استطاعة أمنية تتعلق بأمان الطريق واستقراره.
أما الشروط الخاصة بالنساء في الحج والعمرة فتشمل:
- المحرم؛ يكون الزوج أو أي شخص محرم عليها للأبد، ويجب أن يكون عاقلًا بالغًا ومؤمنًا.
- عدم وجود عدة، حيث لا يمكن للمرأة الأرملة الخروج قبل انتهاء عدتها.
الاستطاعة في الصبر
تتضمن الاستطاعة القلبية، والتي تعتبر ضرورية للداعية، حيث يجب وجود الصبر لمواجهة التحديات والصعوبات التي يمر بها الإنسان.
الاستطاعة في العدل
تتعلق الاستطاعة القلبية، وغالبًا ما تتمثل في الرجل، حيث تشمل التوازن في الحب والعدل بين الزوجات.
الاستطاعة في الصوم
تتطلب الاستطاعة البدنية لضمان قدرة الشخص على الصيام دون حدوث أضرار صحية.
الاستطاعة في الصلاة
تتعلق الاستطاعة البدنية، فإذا كان المصلي عاجزًا، يمكنه الصلاة جالسًا أو مضجعًا، فالشرع يسر ولا يعسر.
الاستطاعة في الصدقة
تعتمد على الاستطاعة المالية، حيث تُطلب الإنفاق في سبيل الله ومساعدة الفقراء والمحتاجين.
الاستطاعة المنفية
- تتمثل الاستطاعة التي يحققها الله لمن يشاء، وخصوصًا في التوفيق والهداية، وهي منفية عن الكفار، حيث لا توجد لديهم قدرة حقيقية على الهدى بسبب تمردهم على الله.
- كما تشمل عبادة الأصنام والأوثان التي لا تنفع أو تضر، حيث يعتبر الله الإله الواحد القادر.
حكم التكليف دون استطاعة
إذا كانت المهمة المكلف بها الفرد في استطاعته، فإن عليه أداؤها. أما إذا كانت المهمة خارج نطاق استطاعته، فإنها تسقط عنه. وهذا يظهر في الوضوء، حيث يُعتبر واجبًا على كل مسلم قبل أداء الصلاة، ولكن إذا تعذر عليه ذلك لأسباب صحية، يُسمح له بالتيمم بدلاً من الوضوء.