تعتبر معركة ذات الصواري أول معركة بحرية في التاريخ الإسلامي، وشهدت أحداثًا هامة ومفصلية. لم يأتِ انتشار الإسلام من فراغ، بل تطلب ذلك الكثير من التضحيات والمعارك. منذ أن أنزل الله سبحانه وتعالى الدين الحنيف مع سيدنا جبريل عليه السلام إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، لم يكن الإسلام مجرد دين بل كان له دوره الفعال في تغيير مجرى التاريخ.
منذ تلك الفترة وحتى يومنا هذا، لا زالت الحروب قائمة في العالم من أجل رفع كلمة الله، مع الفارق بأن الحروب في العصور القديمة كانت بالسيف والرمح، بينما اليوم، أصبحت الحروب تدور على منصات الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي. في هذا المقال، سوف نسلط الضوء على أول معركة بحرية في الإسلام.
ما هي أول معركة بحرية في الإسلام؟
- بدايةً، لم يكن بناء أسطول بحري إسلامي في خطط المسلمين، لكن البيزنطيين هم من ساهموا في إلهام تلك الفكرة.
- فلم يعتد المسلمون على الحروب البحرية ولم يكن لديهم الدافع لإنشاء أسطول بحري.
- ومع ذلك، أدرك المسلمون أهمية بناء الأسطول البحري لمواجهة التهديدات التي شكلها الأسطول البيزنطي.
- كانت الفكرة الأولى لبناء الأسطول من قبل والٍ الشام، معاوية بن أبي سفيان، وعندما سمع المسلمون عن الأسطول البيزنطي، بدأت الحاجة لبناء أسطول إسلامي تظهر بشكل واضح.
- فقد أدركوا أهمية مقاومة الأعداء في البحار.
- تم تنفيذ هذه الفكرة خلال عهد الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث استغل المسلمون جميع السفن الموجودة في موانئ مصر والشام.
- عندما أراد المسلمون توسيع أسطولهم، استعانوا بأمهر الصناع لبناء السفن، مما ساعد في تسريع العملية.
- نتيجة لذلك، لم يستغرق بناء الأسطول وقتًا طويلاً.
- بعد الانتهاء من بناء الأسطول، شرع المسلمون في تنفيذ تدريبات عسكرية تهدف لتدمير الأسطول البيزنطي.
- لكن البيزنطيين، عندما علموا بالنوايا الإسلامية، أعدوا كل ما لديهم من قواعد بحرية وسفن حربية.
- وتحضيروا لمواجهة المسلمين في معركة كبيرة تُعرف بمعركة ذات الصواري.
أسباب معركة ذات الصواري البحرية
تعود أسباب هذه المعركة إلى ثلاثة عوامل رئيسية:
- تعرض الأسطول الإسلامي للرد من البيزنطيين بعد غزوهم لقبرص.
- قام البيزنطيون بإفشال خطة المسلمين لغزو القسطنطينية، عاصمة بيزنطة.
- حرمان الجيش الإسلامي من الحصول على كميات كافية من الأخشاب لبناء السفن.
أحداث معركة ذات الصوارى
- في البداية، كان هناك تباين قوي في قوة الأسطولين؛ حيث قاد الأسطول البيزنطي، قسطنطين الثاني، بين 700 إلى 1000 سفينة حربية، بينما كان الأسطول الإسلامي يتكون من 200 سفينة بقيادة والى مصر، عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
- قرر عبد الله بن سعد تقليل عدد القوات على السفن الأخرى والتوجه إلى اليابس لملاقاة الجنود البيزنطيين والقتال معهم، كما اراد استكشاف المنطقة لجلب الأخبار.
- بعد ذلك، انطلق كل من البيزنطيين والمسلمين نحو البحر، ولكن الرياح كانت تعاكس المسلمين.
- وعندما سكنت الرياح، أعلن عبد الله بن سعد عن الأمان بين الطرفين.
- قضى الجيش الإسلامي ليلتهم في البحر يصلون ويدعون الله، رغم أن الجيش البيزنطي كان متفوقًا عددًا.
- وفي صباح اليوم التالي، اندلعت المعركة بين الأسطول الإسلامي بقيادة عبد الله بن سعد والأسطول البيزنطي تحت قيادة قسطنطين.
- بدأت معركة إطلاق الأسهم والحجارة، لكن سرعان ما نفدت الحجارة من الأسطول الإسلامي.
- عندما نفدت الذخائر، اتبع المسلمون أسلوب الاقتراب من سفن الأعداء وتثبيت السفن ببعضها البعض.
- وتحولت المعركة إلى قتال قريب بالسيوف والرماح.
تحديات واجهها الجيش الإسلامي
- ربط المسلمون سفنهم بسفن البيزنطيين، وانخرطوا في قتال شرس.
- كان هناك قتال عنيف حيث أن سفينة عبد الله بن سعد رُبطت بسفينة عدو.
- في أحد اللحظات الحرجة، قام علقمة بن يزيد العطيفي، أحد ركاب السفينة، بقطع السلسلة التي تربط السفن باستخدام سيفه.
- تجلت شجاعة الجيش الإسلامي في تلك المعركة، حيث استشهد العديد من الجنود، بينما تكبد البيزنطيون خسائر فادحة.
- أفرغ الله سبحانه وتعالى صبره على الجيش الإسلامي، فاستمروا في المعركة بصبر مذهل.
- في النهاية، تكبد البيزنطيون خسائر عظيمة، وفقد كثير من جنودهم خلال المعركة.
- كرم الله سبحانه وتعالى الجيش الإسلامي بالنصر بالرغم من تفوق أعداد البيزنطيين.
- وأثبتت المعركة قوة وقدرة المسلمين على مواجهة الأعداء.
- في ختام المعركة، سقط قسطنطين خليفة هرقل جريحاً، وأيد الله المسلمين بنصر مبين.
- بعد المعركة، أقام عبد الله بن سعد في ذات الصواري حيث قضوا تلك الليلة بعد الانتصار، وعادوا في اليوم التالي بمكانهم.
سبب تسمية المعركة باسم ذات الصواري
- سميت معركة ذات الصواري بهذا الاسم لكثرة عدد صواري السفن التي شاركت فيها.
- في هذه المعركة، ألحق المسلمون هزيمة قاسية بالأسطول البيزنطي، مما أنهى عصر سيطرته على مياه البحر المتوسط.