اختلف العلماء حول أول من قام بوضع النقاط على الحروف، لذا سنستعرض في هذا المقال تفاصيل حول هذه الشخصية المهمة.
تاريخ اللغة العربية
- قبل التعرف على أول من أدخل النقاط على الحروف، ينبغي أولاً دراسة تاريخ اللغة العربية.
- تعتبر اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم، وتنتمي إلى اللغات السامية القديمة، وقد أشار الباحثون إلى أن المخطوطات في العصور السابقة كانت تكتب دون نقاط.
- في زمن الجاهلية، كان الناس يتحدثون دون الحاجة إلى تشكيل الحروف أو تنقيطها.
- كذلك، كان القرآن الكريم في بدايته دون تنقيط!
- تعتبر اللغة العربية أم اللغات، حيث يُعتقد أن سيدنا آدم عليه السلام قد تكلم بها.
- عندما نزل الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كان النص خاليًا من النقاط والتشكيل.
- اختلاف الباحثين حول الموضوع يعود إلى الجهل بوجود النقاط في فترة الجاهلية؛ حيث يرى البعض أن العرب كانوا على دراية بها، بينما يرى آخرون العكس.
- مع اتساع الدولة الإسلامية، بدأ كل شعب يقرأ القرآن بالطريقة التي تناسبه، مما أثار القلق بين الصحابة والمسلمين خشية من حدوث تغييرات في نص القرآن نتيجة للاختلاف في القراءة.
- أثارت هذه المخاوف الحجاج بن يوسف الذي طلب من العلماء العمل على حل هذه المشكلة.
أول من وضع النقاط على الحروف
- تفاوتت الآراء بين العلماء حول أول من وضع النقاط على الحروف؛ فبعضهم قال إنه علي بن أبي طالب، وآخرون رأوا أن أبو الأسود الدؤلي هو الفاعل، في حين اعتبر البعض نصر بن عاصم الليثي هو المعني، وطائفة أخرى ذكرت عبد الرحمن بن هرمز المدني.
- كان الهدف من هذا الجهد هو حماية القرآن الكريم، وبالنسبة لجوانب الحركات كالضمة والكسرة والفتحة، يُنسب الفضل فيها لأبو الأسود الدؤلي.
- أما تمييز الحروف مثل التاء والباء والياء، فقد قام به نصر بن عاصم الليثي بصفة خاصة.
1- نسب نصر بن عاصم الليثي
- كان نصر بن عاصم الليثي عالمًا باللغة العربية، وتلميذًا لأبو الأسود الدؤلي، حيث وضع نظامًا أدق من سابقيه.
- نسبه: هو نصر بن عاصم بن عمرو بن خالد الليثي الكناني من قبيلة بني كنانة، وكان هدفه هو حماية القرآن.
- وهو الذي أمر بضبط حروف اللغة العربية الحجاج بن يوسف الثقفي.
- ناقش العديد من العلماء إنجازات نصر بن عاصم الليثي، حيث اعتبره السيرافي أول من وضع الأسس للغة العربية، بينما ذكر ابن النديم أنه هو الذي وضع قواعد النحو.
- لكن، ينبغي أن نلاحظ أن علي بن أبي طالب وأبو الأسود الدؤلي السابقان لهما في هذا المجال أيضاً.
- ويبقى التساؤل حول من هو الأول في وضع النقاط على الحروف وقواعد النحو موضوعًا مثيرًا للنقاش.
2- أبو الأسود الدؤلي
- ابتكر أبو الأسود الدؤلي وسيلة جديدة لضبط كلمات القرآن الكريم.
- أخذ يضع نقطة تحت الحرف للدلالة على الكسرة، ونقطة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، بينما وضع نقطة على يسار الحرف للدلالة على الضمة.
- وتميز الحرف بالتنوين عن طريق وضع نقطتين فوق الحرف أو تحته.
- أي حرف لا يحمل نقطتين يشير إلى سكون.
- يُعتبر أبو الأسود الدؤلي الأول الذي قام بضبط اللغة العربية، خصوصًا في حالات الرفع والجر والنصب، حيث استعان بعلامات من السريانية.
- كان شديد الحرص على حفظ القرآن الكريم، ويقال إنه عندما رأى قارئًا يحوّل كلمة “رسوله” غير صحيح، قام بمحاولة إصلاح اللحن في القرآن الكريم.
- يُجمع العلماء على أن أبو الأسود الدؤلي هو من قام بتحسين رسم القرآن.
- تتالت بعده جهود تلاميذه في تطوير تشكيل الحروف وتجميلها.
- أخذ البعض منهم يشكل النقطة شكلًا دائريًا أو مائلًا، مما أدى إلى تطور أشكال الحروف.
- كما تم استخدام علامة الجرة الأفقية لتحديد الحروف الساكنة.
- وأما الحرف المشدد، فقد تميز بعلامة القوس فوق الحرف.
- كان أبو الأسود الدؤلي يضبط نهاية الحروف فقط، مما أدى إلى ظهور الأخطاء في تلاوة القرآن.
3- الخليل بن أحمد الفراهيدي
- في القرن الثاني الهجري، أسس الخليل بن أحمد الفراهيدي أسلوبًا جديدًا لتنقيط الحروف.
- ابتكر نظامًا وضع فيه ألف صغيرة مائلة فوق الحرف للدلالة على الفتحة، وواو صغيرة للدلالة على الضمة.
- كما وضع ياء صغيرة تحت الحرف للدلالة على الكسرة، وعند تكرار الحرف الصغير، تدل على التنوين.
- ثم تطورت هذه الطريقة إلى ما نستخدمه اليوم، مع تعزيز بعض العناصر مثل الهمزة التي وضعت بشكل رأس عين، وتغيير رمز الشدة لجعلها تشبه رأس الشين.
- وبذلك، يُعتبر الخليل بن أحمد الفراهيدي هو من أدخل نظام الهمزة والتشديد في اللغة العربية.
تنقيط الحروف
- في منتصف القرن الأول الهجري، كانت الحروف تكتب بلا نقاط، وبدأت عملية تنقيط الحروف خلال عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان.
- كان القائمون على ذلك نصر بن عاصم الليثي ويحيى بن يعمر العدواني، وهما اللذان نظما ترتيب الحروف بالطريقة المتبعة حديثًا.
- مع انتشار الإسلام في شبه الجزيرة العربية، شعرت العربية كأنها لغة عالمية.
- حيث بدأت تنتشر بشكل ملحوظ في المناطق المجاورة وأصبحت لغة رسمية في تلك الدول.
سبب وضع النقاط على الحروف
- عندما اختلط العرب بالأعاجم، واعتنقت شعوب لا تتحدث العربية الإسلام، كالشعب الفارسي والمصري والعراقي، لاحظ العلماء بداية ضعف اللغة العربية.
- بدأت تتداخل الحروف مع بعضها، مما أثار قلق العلماء من أن يقرأ كل شعب القرآن بطريقته الخاصة مما يغيّر نص القرآن الكريم.
- انتشرت الأخطاء اللغوية في القرآن بسبب دخول الكثير من الشعوب في الإسلام.
- من هنا، كان من الضروري إجراء بعض التغييرات وضبط قواعد اللغة العربية بتشكيل الحروف وتنقيطها.
- يجب أن نعلم أن وضع النقاط على الحروف لم يكن جهدًا لشخص واحد، بل كان نتيجة جهود عديدة وعمليات متعددة على مر الزمن.
- أبو الأسود الدؤلي قام بإدخال الحركات من ضمة وكسرة وفتحة، بينما نصر بن عاصم الليثي وضع النقاط على الحروف ليميز بينها.
- ويعتبر الخليل بن أحمد الفراهيدي من ركائز ضبط اللغة بشكل دقيق.
- هذا يدل على أن عملية وضع النقاط على الحروف كانت رحلة تطورية وتراكمية، وفضل العلماء والصحابة كان كبيرًا في هذا السياق.
يمكنكم الاطلاع على المزيد من المعلومات حول هذا الموضوع من خلال الروابط التالية: