يُعتبر الأدب غالبًا مرآة تعكس واقع المجتمع، حيث يسعى المؤلف من خلال أعماله إلى إيصال أفكاره ورؤاه إلى الجمهور. يتم ذلك ضمن معايير معينة وأحكام يجمع عليها الكتاب، وغالبًا لا يخرج هذا الأخير عن هذا الإطار.
ومع ذلك، هناك بعض الكتاب الذين اتخذوا من كتاباتهم ساحة للجدل والفتنة بين النقاد والأوساط المتلقية، ومن أبرز هؤلاء الكتّاب هي الأديبة السعودية “رجاء الصانع”، التي أحدثت ضجة كبيرة بروايتها المعروفة “بنات الرياض”.
نبذة عن رجاء الصانع وأبرز مؤلفاتها
ولدت رجاء الصانع في مدينة الرياض في سبتمبر 1981، وتبلغ من العمر الآن 38 عامًا. أكملت دراستها وحصلت على شهادة في طب الأسنان من جامعة إلينوي في الولايات المتحدة عام 2009، بعد أن نالت درجة الماجستير في علاج العصب وجذور الأسنان من نفس الجامعة في عام 2008.
عملت كأستاذ مساعد في جامعة إلينوي بشيكاغو من 2008 إلى 2010، واختتمت دراستها بالحصول على الزمالة الملكية الكندية في علاج العصب والجذور عام 2010. وتدرجت في مسيرتها المهنية من أخصائية طب أسنان إلى استشارية مساعدة، وهي تعمل منذ عام 2012 كاستشارية معالجة لبية وباحثة في الخلايا الجذعية في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، حيث تستمر في عملها حتى الآن.
إنجازات رجاء الصانع الروائية
تُعتبر رجاء الصانع واحدة من الأكثر تأثيرًا في قائمة العرب تحت سن الأربعين، حيث استطاعت تغيير نظرة الكثير من الشباب في الرياض والعالم العربي. وقد أشاد بالنشر الذي قدمته من خلال روايتها الناقد الأدبي الكبير الدكتور غازي القصيبي، الذي قال: “هذا عمل يستحق أن يُقرأ.. وهذه روائية تستحق الكثير من التقدير.. تفتح الستار عن عالم الفتيات المثير في الرياض”. وقد أثار هذا الإشادة تساؤلات حول هوية الكاتب الحقيقي للرواية، إذ إنه جاء من كاتبة لم يكن يعرفها الكثيرون حينها.
أشهر مؤلفات رجاء الصانع
أثناء فترة دراستها، قدمت رجاء روايتها الشهيرة “بنات الرياض”، التي أحدثت تأثيرًا ملحوظًا في المجتمع وغيّرت الكثير من المفاهيم في الوطن العربي حين صدرت لأول مرة في لبنان عام 2005. وقد نشرتها دار الساقي للنشر، ومن ثم تم ترجمتها لأول مرة إلى الإنجليزية عام 2007، وذاع صيتها لتُترجم إلى أكثر من 40 لغة.
حققت الرواية مبيعات تجاوزت ثلاثة ملايين نسخة حول العالم، وحصدت المركز الثامن كأكثر الروايات مبيعًا عالميًا، كما تم ترشيحها لجائزة دبلن الأدبية العالمية في عام 2009. وقد أحدثت الرواية ضجة وأثارت جدلًا كبيرًا نظراً لمحتواها، مما دفع النقاد للبحث عن أخطاء فيها، سواء كانت مطبعية أو لغوية.
لقد اتهمت رجاء بأن عملها يتضمن إساءات لمعتقدات وأخلاق المجتمع، ولكنها واجهت جميع الانتقادات بشجاعة وثقة. ورفضت المحاكم الدعوى القضائية التي رُفعت ضدها واستمرت في الدفاع عن روايتها.
تدور أحداث الرواية حول أربع فتيات ينتمين إلى طبقة غنية في العاصمة السعودية، حيث اعتبرتهن شخصيات تعكس جوانب من واقع الفتيات. ورغم أن رجاء اعترفت بأن الشخصيات مستندة إلى شخصيات حقيقية، إلا أنها غيّرت أسمائهن لتجنب إحراجهن.
أشهر مؤلفات رجاء الصانع
تربط بين هذه الفتيات علاقة صداقة قوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يتبادلن الأسرار ويتحدثن في ما يعرفه الجميع بـ “سيرة وانفضحت”. كل منهن تعاني من خيبات أمل عاطفية خاصة، مما يعكس الضغوط التي تتعرض لها النساء في المجتمع السعودي.
تتناول الرواية مواضيع العلاقات العاطفية والعقبات التي تواجه الفتيات، إلى جانب القيود المفروضة عليهن في تعاملاتهن مع الرجال والعلاقات الاجتماعية. عبر سرد هذه التجارب، سعت الصانع إلى توضيح الواقع الذي تعيشه الفتيات والتحديات التي تواجههن في المجتمع التقليدي.
تمثل الرواية واقعًا مُعقدًا يعيشه المجتمع، معتبرةً أن التحرر يجب أن يبدأ من التغيير في عقلية الرجال أيضاً. كما أن الفتيات الأربعة يعبرن عن معاناتهن وتأملاتهن في مواجهة الأعراف والتقاليد السائدة.
من خلال هذا العمل، تكون رجاء قد أقدمت على معالجة موضوعات حساسة في المجتمع، مما أدى إلى تلقيها انتقادات كثيرة من مختلف الاتجاهات. ومع ذلك، فإنها أكدت على أن الرواية تعبر عن صوت امرأة من خلفية معينة، ولها دلالة عميقة على واقع الشباب في المملكة.
وفي النهاية، تركت رجاء الصانع بصمة واضحة في عالم الأدب، حيث أثبتت أن الأدب يمكن أن يكون وسيلة فعّالة للتعبير عن الواقع وتحديات المجتمع، ووضعت ملامح للحرية والتغيير الأجتماعي من خلال كتاباتها.