الشريعة الإسلامية هي النظام القانوني الذي أنزله الله سبحانه وتعالى على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم، لتكون خاتمة لجميع الأديان والشرائع السابقة.
فالله عز وجل لا يقبل من أحد ديناً سواه، كما قال: “وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
معنى الشريعة في اللغة والاصطلاح
تأتي كلمة الشريعة في اللغة من الفعل “شَرَعَ”، ولها دلالتان:
- الأولى: الماء الجاري الذي يُستخدم للشرب، مثلما نقول: “شرعت الإبل” أي قصدت الماء لتروي عطشها.
- الثانية: الطريق المستقيم، حيث قال الله تعالى: “ثُمَّ جَعَلْنَاكَ على شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ”.
- أما بالاصطلاح، فالشريعة تعني الأحكام التي شرعها الله سبحانه وتعالى لعباده، والتي أوحى بها إلى أنبيائه على مر العصور.
- ويشمل ذلك الأحكام العملية والاعتقادية.
- عند إضافة لفظ “الإسلام” إلى الشريعة، يتضح المقصود بالوحي الذي أُنزِل على رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، متضمناً الأحكام والعقائد والأخلاق، التي تهدف إلى إصلاح أحوال البشر في الدنيا والآخرة.
أقسام الشريعة الإسلامية
- الأحكام القطعية التي لا تحتمل الشك أو الاجتهاد، مثل وجوب الصلاة والزكاة وحرمة الخمر والميسر، وهي ثابتة بالنصوص الواضحة ولا يوجد خلاف فيها.
- تتميز هذه الأحكام بأنها تشير إلى معنى واحد ولا تقبل التأويل.
- الأحكام التي قد تكون قطعية الدلالة أو الثبوت، ولكن قد يتواجد فيها شك في ثبوتها، أو تحتمل معاني متعددة، مما يتطلب اجتهاداً للتفسير وتأويلها حسب السياق.
- تتطلب هذه الأحكام اجتهادًا وقد تفسر بأكثر من طريقة حسب السياق.
الفرق بين الفقه والشريعة الإسلامية
الشريعة تعني جميع الأحكام العقائدية والعملية والأخلاقية، أما الفقه فهوالأحكام المستنبطة من الشريعة.
فالشريعة تعتبر مجموعة الأحكام التي أنزلها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بالوحي، وبالتالي فهي قائمة عليه فقط.
بينما الفقه ينقسم إلى قسمين:
- الأحكام المستفيدة من النصوص بدون بحث، مثل قوله تعالى: “حُرِّمَتْ عَلَيْكمْ أُمَّهَاتُكُمْ” ويكون الحكم واضحاً لا يحتاج لبحث.
- الأحكام التي يتم استنتاجها من النصوص عبر الاستنباط، وتعتبر هذه الأحكام الأكثر انتشارًا خاصة مع تغير الزمان والتحديات الجديدة.
مصادر أحكام الشريعة الإسلامية
القرآن الكريم
يعتبر كلام الله عز وجل الذي أُنزِل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وهو المصدر الأول للتشريع الإسلامي.
السنة النبوية الصحيحة
- تشمل جميع ما ورد عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من أقوال وأفعال وأخلاق وتقريرات.
- تسهم السنة في توضيح الأحكام المتعلقة بالقرآن الكريم وتفصيل جزئياته، كما يمكن أن تأتي بأحكام جديدة لم تُذكر في القرآن.
- تعتبر السنة النبوية مكملة للقرآن الكريم، وهي المصدر الثاني للتشريع.
- إلا أن الإمام الشافعي اعتبرها في نفس درجة القرآن ليشكلا معًا المصدر الرئيسي للتشريع.
القياس
- يعني إيجاد علة مشتركة لمشكلة لم تكن موجودة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم أو الصحابة.
- حيث يتم تطبيق الحكم الشرعي على هذه المسألة بناءً على مشابهتها لمشكلة أخرى موجودة تم ذكر نص شرعي بشأنها.
الإجماع
ويقصد به الاتفاق بين مجموعة من المجتهدين الموثوق بهم في زمن معين على حكم خاص في مسألة فقهية.
مصادر الشريعة الإسلامية في المذاهب الفقهية
- الإمام أبو حنيفة رحمه الله يعد ستة مصادر للشريعة: القرآن الكريم، والسنة النبوية، وإجماع الصحابة والتابعين، والاستحسان، والقياس، والعرف.
- الإمام مالك يعتبر أن مصادر التشريع تشمل ثمانية: القرآن الكريم، والسنة، والقياس، وفتوى الصحابة، والمصالح المرسلة، وسد الذرائع، وعمل أهل المدينة.
- الإمام الشافعي يجمع القرآن والسنة في الدرجة الأولى، بمصادر أخرى تشمل فتاوى الصحابة، والإجماع، والاستدلال، والقياس.
- الإمام أحمد بن حنبل يحدد مصادر التشريع بخمسة: القرآن، السنة، فتاوى الصحابة، والإجماع، والقياس.
- الإمام ابن حزم الظاهري يقتصر على القرآن والسنة كمصادر للتشريع، مخالفًا من يعتمدون القياس والإجماع.
خصائص أحكام الشريعة
- تتميز أحكام الشريعة الإسلامية بأنها ربانية، وضعها الله رحمة بعباده.
- حيث قال الله تعالى: “الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ”.
- تمتاز الشريعة بالثبات والمرونة، مما يجعلها قادرة على التكيف مع احتياجات البشر.
- فالمرونة التي تتمتع بها تؤهلها لمواكبة تغيرات الزمان والمكان.
- تتمتع الشريعة باليسر، حيث قال الله تعالى: “لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا”.