تعتبر صحراء أتاكاما، الواقعة في شمال تشيلي، أقدم وأشد الصحاري جفافًا على مستوى العالم. تتميز هذه الصحراء بالعديد من الأسرار والمفاجآت التي تجعلها وجهة مفضلة للمسافرين والسياح. يمكن العثور على الأخاديد الصخرية الملونة، بالإضافة إلى البراكين المغطاة بالثلوج، والبحيرات ذات المياه الفيروزية، مما يجعل منها موطنًا مناسبًا للكثير من الأنواع النباتية والحيوانية بفضل ميزاتها الجيولوجية الفريدة.
موقع صحراء أتاكاما
تمتد صحراء أتاكاما على مساحة تقدر بحوالي 103,000 كم مربع من شمال تشيلي، على طول يقارب 1000 كم من الشمال إلى الجنوب، وتتوزع خصائصها كالتالي:
- يمتد طول الصحراء عبر الحدود البرية لتشيلي، لتصل إلى بيرو وبوليفيا والأرجنتين.
- تشمل المنطقة جزءًا من شمال تشيلي وجزءًا من جنوب بيرو، حيث تبدأ من قرب مدينة تاكنا في تشيلي وتنتشر نحو 970 كم تجاه جنوب بيرو.
- يحيط بها المحيط الهادئ من الجهة الغربية، ورغم ذلك نجد أن مساحتها أقل من مساحة صحراء موهافي.
- نظرًا لموقعها بين سلسلة جبال كورديليرا من الغرب وسلسلة جبال الأنديز من الشرق، تُعتبر أتاكاما الأكثر جفافًا مقارنة بجميع الصحاري.
- يختلف ارتفاع الجبال المحيطة بها بين 5 قدم و16 قدم، مما يحول دون وصول الأمطار الى الصحراء.
- تسجل معدلات سقوط الأمطار في أتاكاما أقل من 1 ملم سنويًا.
- تشتهر المنطقة بوفرتها من المعادن، حيث تحتوي على الكثير من الحصى والرمال ووجود مسطحات ملحية تتكون من الملح.
المعادن الغنية في صحراء أتاكاما
تحتوي أتاكاما على ترسبات معدنية هامة وكانت المصدر الرئيسي لنترات الصوديوم في العالم:
- تحتوي التربة على كميات كبيرة من النحاس والليثيوم والحديد والفضة، بما في ذلك كميات ضخمة من نترات الصوديوم.
- تم استخدام نترات الصوديوم في صناعة البارود والأسمدة منذ العصور القديمة وحتى مطلع الأربعينات من القرن الماضي.
- تضم أتاكاما اليوم حوالي 170 بلدة تقوم باستخراج النترات والمعادن، لكن العديد منها مهجورة منذ القرن العشرين نتيجة لاكتشاف النترات الصناعية في ألمانيا.
الاكتشافات الأثرية في صحراء أتاكاما
استطاع الباحثون العثور على بقايا مومياء في ساحل أتاكاما، تعود إلى عام 7020 قبل الميلاد:
- تُشير البقايا إلى أن شعب التشي تشورو كان من بين أول الشعوب التي مارسّت عملية التحنيط.
- تمكّن هذا الشعب من العيش في أمريكا الجنوبية قبل حوالي 7000 عام، بالقرب من ساحل تشيلي وبيرو.
- موقعهم القريب من الصحراء يعطينا فكرة واضحة عن علاقاتهم بالمكان.
- يُعتقد أن التحنيط حدث بسبب الظروف البيئية الجافة، حيث تحولت أجسادهم إلى مومياوات بشكل طبيعي.
الحياة النباتية والحيوانية في أتاكاما
على الرغم من البيئة الصحراوية القاسية، إلا أن بعض الأنواع من النباتات والحيوانات استطاعت التكيف مع الظروف القاسية، ومن أبرزها:
- نبات كوبيابوا: نوع من الصبار، يمتاز بشكل كروي وحجم يتراوح بين 10 إلى 15 سم، ويحيط به أشواك سمراء.
- يتفتح داخله زهور ملونة بالأصفر، وبعض الأنواع تنتج مصاصات.
- شجيرة سينسو ميريو فلوس: يرتفع حوالي 50 سم، مع أزهار شبيهة بالأقحوان ذات اللون الأصفر وقطر يصل إلى 2 سم.
- شجيرة رينسانس كوميونس: لديها أوراق تشبه ورق النخيل، وتتباين ألوانها بين الأحمر والأخضر حسب الصنف، وقد يصل ارتفاع الشجرة إلى 3 متر.
- البجع: طائر مائي ذو منقار طويل، يتغذى بشكل رئيسي على السمك.
- جمل فيكوجنا: أحد أنواع الجمال التي تعيش في الأنديز، حيث يصل وزن البالغ منها إلى 55 كجم ويتغذى على العشب.
- ثعبان شاميسون: يتميز بذيل طويل يبلغ طوله حوالي 140 سم، ويتغذى على الحشرات والقوارض.
السياحة في صحراء أتاكاما
أفضل طريقة لاستكشاف أتاكاما هي الإقامة في نزل أو فندق يقع داخل حدودها، مثل فندق إكبسلورا:
- إكبسلورا هو فندق يمتد على 17 هكتار من الصحراء، يقع بالقرب من طريق ضيق وترتفع حوالي 2500 متر عن سطح البحر، في منطقة سان بيدرو.
- تم تصميم الفندق من قبل المهندس جيرمان في عام 2000، وبعد تعرضه لحريق، تمت إعادة تصميمه وبناؤه بشكل جزئي في عام 2017.
- يتميز الفندق بتصميمه البسيط والأنيق بلونه الأبيض، مما يجعله يانسجم مع بيئة الصحراء المحيطة.
- يضم 50 غرفة خالية من التقنيات الحديثة مثل التلفاز والاتصال بالإنترنت، لتعزيز تجربة الحياة البرية.
- يحتوي الفندق أيضًا على منتجع صحي مع أربع حمامات سباحة خارجية، وعدد من الإسطبلات، بالإضافة إلى مطعم يقدم خدمات استثنائية.
- كما يقدم للزوار رحلات استكشافية في أتاكاما تحت إشراف مرشدين، مع توفر نظام لمراقبة السماء للاستمتاع بالتأمل ورصد النجوم.
أتاكاما ووجهتها إلى المريخ
أظهرت الدراسات أن صحراء أتاكاما تعد المشهد الأقرب للمريخ على وجه الأرض، حيث لم تتعرض للأمطار لعدة قرون:
- الكشوفات حول طبيعة أتاكاما أظهرت وجود حياة ميكروبية نشطة في بيئة جافة، مما يعزز فرضية إمكانية وجود حياة على كوكب المريخ.
- في عام 2015، اكتشف الباحثون مجتمعًا ميكروبيًا مزدهرًا في الصحراء بعد أن شهدت الأمطار تساقطًا نادرًا.
- تم أخذ عينات من التربة من ثمانية مواقع، وتمت ملاحظة زيادة النشاط البيولوجي بعد الظاهرة النادرة.
- عند إعادة دراسة الصحراء في 2016، أظهر الباحثون أن آثار الحياة اختفت من العينات الجديدة.